الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما ذكره ابن القيم هنا هو المعروف عند المفسرين، فقد ذكره الطبري، وابن كثير، والسيوطي، في الدر المنثور، وقال الماوردي في النكت والعيون-1/ 87:
قوله عز وجل: ولهم فيها أزواج مطهرة ـ في الأبدان، والأخلاق، والأفعال، فلا يحضن، ولا يلدن، ولا يذهبن إلى غائط، ولا بول، وهذا قول جميع أهل التفسير. اهـ.
وأما الرجال: فيمكن أخذ الحكم بطهارتهم من نصوص أخرى، ففي حديث الصحيحين: أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والذي على أثرهم كأشد كوكب دري في السماء إضاءة، قلوبهم على قلب رجل واحد، لا اختلاف بينهم، ولا تباغض، ولا تحاسد، لكل امرئ منهم زوجتان، كل واحدة منهما يرى مخ ساقها من وراء لحمها من الحسن، يسبحون الله بكرة وعشيا، لا يسقمون، ولا يمتخطون، ولا يبصقون، آنيتهم الذهب والفضة، وأمشاطهم الذهب، ووقود مجامرهم الألوة. اهـ.
قال القرطبي في المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم -7/ 181: وقوله: قلوبهم قلب واحد، أي: كقلب واحد، يعني: أنها مطهرة عن مذموم الأخلاق، مكملة بمحاسنها، فلا اختلاف بينهم، ولا تباغض... اهـ.
وقال القسطلاني في إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري -5/ 282: لا اختلاف بينهم - بين أهل الجنة، ولا تباغض، لصفاء قلوبهم، ونظافتها من الكدورات... اهـ.
وقال الملا علي القاري في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح -9/ 3581: ولا يتفلون، بضم الفاء، وتكسر، أي لا يبزقون: ولا يتمخطون، أي ليس في فمهم وأنفهم من المياه الزائدة، والمواد الفاسدة، ليحتاجوا إلى إخراجها، ولأن الجنة مساكن طيبة للطيبين، فلا يلائمها الأدناس، والأنجاس... اهـ.
وقال الصنعاني في التنوير شرح الجامع الصغير -3/ 591: إن أهل الجنّة يأكلون فيها، ويشربون، ولا يتفلون- من أفواههم، ولا يبولون، ولا يتغوطون، ولا يمتخطون- أي ليس فيها شيء من أوساخ الدنيا الناشئة عن المأكل والمشرب.... اهـ.
والله أعلم.