الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز أن تعطى البنت من الزكاة، ما دامت عندها من المال ما يمكن أن ينفق عليها منه، ويكفيها؛ لأنها بذلك لم يتحقق فيها وصف الفقر الذي تستحق به أن يدفع لها من مال الزكاة، والزكاة لها أصنافها الثمانية، الذين حددهم رب العالمين في قوله: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {التوبة: 60}.
وإن تصدق عليها فذلك حسن، وهو من الإحسان، والله يحب المحسنين.
وإن كان والد هذه البنت قد قصَّر في أمر النفقة عليها، ورعايتها، وصلتها، فإن ذلك لا يمنعه حقه في الإرث من مال ابنته، إن قدر لها أن تموت قبله.
وينبغي أن ينصح هذا الوالد، ويُذكَّر بالله عز وجل، ويبين له أن هذه البنت محل وصية رب العالمين في قوله: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ {النساء: 11}.
قال السعدي في تفسيره: أي: أولادكم -يا معشر الوالِدِين- عندكم ودائع، قد وصاكم الله عليهم، لتقوموا بمصالحهم الدينية، والدنيوية، فتعلمونهم، وتؤدبونهم، وتكفونهم عن المفاسد، وتأمرونهم بطاعة الله، وملازمة التقوى على الدوام، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ. فالأولاد عند والديهم موصى بهم، فإما أن يقوموا بتلك الوصية، وإما أن يضيعوها، فيستحقوا بذلك الوعيد، والعقاب. انتهى.
وإن قمتِ برعاية هذه البنت، والإحسان إليها إرضاء لله عز وجل، ثم لزوجكِ، فأنت مأجورة على ذلك -بإذن الله- فقد قال سبحانه: وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا {المزمل: 20}.
ولا إثم عليكِ إن وجدتِ في نفسكِ شيئا من الضيق، والكراهية لها، بسبب بعض تصرفاتها، فالأمور القلبية لا اختيار للإنسان فيها، فلا يؤاخذ عليها.
والله أعلم.