الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد يكون ما حدث لكِ نوعا من الابتلاء بمعنى أنه اختبار لكِ، والحياة دار ابتلاء، يبتلي الله فيها عباده بالخير والشر، فمن صبر كان له من الله تعالى الأجر العظيم، وللصبر فضائل كثيرة، ضمنا بعضها الفتوى: 18103، فراجعيها.
ولا يلزم أن يكون ما حدث عقوبة على ذنب، وجزاكِ الله خيرا على ما كان منكِ من مساعدة زوجكِ على السفر، وصبركِ على فراقه كل هذه المدة، وكان ينبغي له أن يحفظ لكِ هذا الجميل، ويقابل الإحسان بإحسان مثله، ويحسن عشرتكِ، كما أمره الله تبارك وتعالى في قوله: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء: 19}.
والمعاشرة بالمعروف تعني كل معنى جميل من حسن المعاملة ونحو ذلك.
قال الجصاص في أحكام القرآن: أمر للأزواج بعشرة نسائهم بالمعروف، ومن المعروف أن يوفيها حقها من المهر، والنفقة، والقسم، وترك أذاها بالكلام الغليظ، والإعراض عنها، والميل إلى غيرها، وترك العبوس، والقطوب في وجهها بغير ذنب، وما جرى مجرى ذلك، وهو نظير قوله تعالى: فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ {البقرة: 229}.... انتهى.
ونوصي بأن يتدخل العقلاء من أهلكِ، وأهله ليناصحوه بأن يتقي الله فيكِ، ويذكروه بأن لكِ حقاً عليه، ويجتهدوا في محاولة إصلاح ما بينكِ وبينه، للحفاظ على بقاء الأسرة متماسكة؛ فالطلاق إذا حصل فقد تكون له آثاره السيئة على ابنتكم.
ومن حقكِ عليه أن يعدل بينكِ وبين زوجته الثانية، فالعدل واجب، ولو مع اختلاف بلدي الإقامة، وإن لم يعدل بينكما، فإنه ظالم قطعا، ولا يحل له أن يترككِ معلقة هكذا، فإما أن يمسك بمعروف، أو أن يفارق بإحسان، وإن تعذر الإصلاح، فارفعي أمركِ للقضاء.
وننبه إلى أن قول الزوج لزوجته: ما بيننا انتهى ـ كناية من كنايات الطلاق، يقع بها الطلاق إذا نواه الزوج.
ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى: 79215، ففيها بيان ضابط كنايات الطلاق.
والله أعلم.