الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإحسان زوجك إلى أولادك؛ فيه أجر عظيم -إن شاء الله-، وما قالته زوجته من كون زواجه منك يمنع حصول الأجر له في إحسانه إلى أولادك؛ غير صحيح.
وإن كانت تلك المرأة تؤذيك بغير حقّ، وتسيء إليك بمثل الكلام المذكور؛ فهي آثمة معتدية، وعلى زوجك أن يمنعها من أذيتك قدر استطاعته.
ونصيحتنا لك؛ أن تصبري، ولا تلتفتي لما تقوله المرأة، وأن تهوني على نفسك الأمر؛ فالغيرة بين الضرائر أمر جبلي لا يسلم منه بيت حتى بيت النبي -صلى الله عليه وسلم-.
ففي صحيح البخاري عن أنس -رضي الله عنه- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام، فضربت التي النبي -صلى الله عليه وسلم- في بيتها يد الخادم، فسقطت الصحفة فانفلقت، فجمع النبي -صلى الله عليه وسلم- فلق الصحفة، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة، ويقول: «غارت أمكم»، ثم حبس الخادم حتى أتي بصحفة من عند التي هو في بيتها، فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت.
قال ابن حجر -رحمه الله- في فتح الباري: وقوله: غارت أمكم، اعتذار منه -صلى الله عليه وسلم- لئلا يحمل صنيعها على ما يذم، بل يجري على عادة الضرائر من الغيرة؛ فإنها مركبة في النفس بحيث لا يقدر على دفعها. وسيأتي مزيد لما يتعلق بالغيرة في كتاب النكاح حيث ذكره المصنف إن شاء الله تعالى.
وفي الحديث حسن خلقه -صلى الله عليه وسلم-، وإنصافه وحلمه. انتهى.
وقال أيضاً: وقالوا فيه إشارة إلى عدم مؤاخذة الغيراء بما يصدر منها؛ لأنها في تلك الحالة يكون عقلها محجوبا بشدة الغضب الذي أثارته الغيرة.
وقد أخرج أبو يعلى بسند لا بأس به عن عائشة مرفوعا أن الغيراء لا تبصر أسفل الوادي من أعلاه. انتهى.
والله أعلم.