الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما دامت هذه الشركة قد عين لها محاسب يراقب الأمور المالية، فلا يجوز لأحد أن يتصرف في أموالها إلا بعد الرجوع إليه لأن جميع الشركاء قد ارتضوه لذلك؛ لكن إن احتاج العمل إلى إنفاق بعض الأموال، فقام المدير أو غيره من العمال بإنفاقها بنية الرجوع بها على الشركة جاز له ذلك في حدود الحاجة، لأن قصده المصلحة، كما أن العادة جارية به، وذلك للمحافظة على المال وتنميته، قال القرافي في الفروق: ولو وكله أن يشتري له حنطة من العراء فاشتراها واستأجر حمالاً ليحمله إلى منزله استحق الأجر على الآمر استحساناً، ولو اشترى حنطة من قرية بعيدة من المصر واستأجر حمالاً لينقلها إليه لم يجز له الأجر، والفرق أن العادة جرت بأن الرجل يشتري الحنطة من المصر وينقله إلى بيته فصار كالمنطوق به، وتعيينه بالعرف كتعيينة بالنطق. انتهى.
لكن يُراعى أن يكون ذلك خاضعاً لقانون الشركة في إثبات الحقوق المالية، فإن كان إثبات الإنفاق عليها لا يعتمد إلا بوثائق أو صكوك، فلا بد أن يُراعى ذلك، وإن خضع لأمانة المتصرف وديانته فلا مانع منه لأنه مبني على قانون ارتضاه الشركاء، والمسلمون عند شروطهم، أما العائد الذي يأخذه المشرف دون رضى الشركاء فإنه لا يجوز له، ولا يكفي في ذلك موافقة أحدهم، لأنه لا يملك غير نصيب نفسه، فلا يحق له التصرف في نصيب غيره، والواجب عليك هو النهي عن هذا المنكر بإبلاغ الشركاء به، لكن عليك أن تبدأ بنصحهم، وبنصح هؤلاء أولاً، فإن أبوا فلتقم بواجبك نحو الشركاء بإبلاغهم بالواقع، وعلى هذا المدير والمشرف الذي معه التوبة إلى الله تعالى مما أخذاه من أموال لا تحق لهما، ولا تتم توبتهم إلا برد هذا المال إلى الشركة، والندم على ما حصل والعزم على عدم العودة إليه أبداً، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 35493، 4583، 46048.
والله أعلم.