الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا قبلت العمل في القطاع العام، فلا بد من الالتزام فيه، وأداء العمل على الوجه المطلوب.
وكون الراتب المقبوض من العمل العام يأخذه والدك جميعا، لا يسوغ لك الجمع بين العمل الخاص والعام مع التقصير في العمل، فاقبلي من العملين ما يمكنك أداؤه على وجهه، وعدم الإخلال به.
ويمكنك أن تطلبي من الجهة المسؤولة في القطاع العام أن تحول الراتب إلى حسابك الخاص؛ لتتمكني من التصرف فيه.
وبيني لأبيك حاجتك للمال لسداد الدين الذي عليك، أو الصرف منه على غير ذلك من حاجاتك.
وقد بين أهل العلم ضوابط أخذ الأب من مال ولده.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وللأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء، ويتملّكه مع حاجة الأب إلى ما يأخذه، ومع عدمها -صغيرًا كان الولد أو كبيرًا- بشرطين:
أحدهما: أن لا يجحف بالابن، ولا يضرّ به، ولا يأخذ شيئًا تعلقت به حاجته.
الثاني: أن لا يأخذ من مال ولده، فيعطيه الآخر ...
وقال أبو حنيفة، ومالك والشافعي: ليس له أن يأخذ من مال ولده، إلا بقدر حاجته. اهـ.
وعلى كل؛ فخوفك من أكل الحرام في محله، فالحرام لا خير فيه. قال تعالى: قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {المائدة: 100}.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت. رواه أحمد وغيره.
والمال العام أشد حرمة من أخذ المال الخاص، فالأول اعتداء على حقوق المجتمع كله، والثاني اعتداء على حق فرد واحد.
والمال الخاص له من يحميه، أما المال العام فحمايته مسؤولية المجتمع كله.
والله أعلم.