الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يحفى على مسلم عظيم حق الأبوين على ولدهما لا سيما الأم.
قال تعالى: [وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا] (الأحقاف: 15).
ومع هذا الحق الظاهر الجلي، فإن طاعة الوالدين إنما تكون في المعروف، لحديث: إنما الطاعة في المعروف. رواه مسلم. وليس من المعروف منع الولد من التصرف في حقه الشرعي من الميراث، فمشاركة الوارث وارثا غيره في الميراث لا تمنعه من التصرف في نصيبه بالبيع أو طلب القسمة، كما سبق أن بينا ذلك في الفتوى رقم: 66593.
وفي المقابل يحق للوارث المشارك أن يأخذ نصيب شريكه بالشفعة ما داما يشتركان في عقار لم يقسماه بوضع الحدود.
ويقدم المشارك في السهم على المشارك في الميراث عموما، كما جاء في شرح مختصر خليل للخرشي: أن الشريك الأخص وهو المشارك في السهم يقدم على الشريك الأعم ويختص بالشفعة. اهـ.
فالمقصود أن للأم الحق في الشفعة في هذا البيت إذا أرادت ذلك وكانت تملك الثمن، كما أن من حق الولد أن يبيع نصيبه منه لغيرها إذا لم ترد شراءه أو أرادته بدون الثمن المدفوع فيه من آخر، ولا يكون ذلك منه عقوقا لأمه، فالأمر الذي يحصل للولد بسببه ضرر أو أذى لا مانع أن يخالف فيه والديه ولا يكون ذلك عقوقا لهما.
جاء في كتاب الفروق للقرافي في سفر الولد مخالفا أمر والديه قال: إن كان المقصود دفع حاجات نفسه أو أهله بحيث لو تركه تأذى بتركه كان له مخالفتهما، لقوله عليه الصلاة والسلام: لا ضرر ولا ضرار. وكما نمنعه من إذايتهما نمنعهما من إذايته.
والله أعلم.