الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت دخلت في معاملة اشتملت على الربا جاهلا تحريمها؛ فنرجو ألا يكون عليك إثم؛ لقوله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا. [الأحزاب: 5].
والتائب من أكل الربا إما أن يكون عالما بتحريم الربا، وإما أن يكون جاهلا بالتحريم. فإذا كان جاهلا بتحريم ذلك: فإنه إن تاب وبيده أموال من الربا؛ فلا يجب عليه التخلص من هذه الأموال، ويكفيه التوبة النصوح؛ لقوله تعالى: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ {البقرة: 275}.
وأما ما لم يقبضه من أموال الربا؛ فلا يحل له أخذه؛ لقوله تعالى: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى {البقرة: 275} .
وإذا كان عالما بالتحريم: فإنه إن تاب؛ فالواجب عليه التخلص من الأموال الربوية التي بيده، وإذا تاب وهو فقير فإن له أن يأخذ من هذه الأموال بقدر حاجته، ويتخلص من الباقي في وجوه الخير.
جاء في الفتاوى الكبرى لابن تيمية: ومن كسب مالا حراما برضاء الدافع كثمن الخمر ومهر البغي وحلوان الكاهن، فالذي يتخلص من كلام أبي العباس أن القابض إن لم يعلم التحريم ثم علم جاز له أكله، وإن علم التحريم أولا ثم تاب فإنه يتصدق به، وإن كان هو فقيرا أخذ كفايته. اهـ.
وإذا كان أخوك معسرا، وعليه دَين، فهو من مصارف هذا المال، فيُعطى منه في سداد ديونه.
وأما عن حكم التداول في نفس الشركة بما يسمى حسابا إسلاميا، فإذا كان التداول في الحساب المذكور ليس فيه محاذير شرعية، فلا بأس.
وانظر هذه المحاذير الواجب تجنبها في الفتاوى: 103860، 374629، 483736.
والله أعلم.