الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذا المعاش لا يخلو من إحدى حالتين:
أن يكون مستقطعا من راتب المتوفى.
أن يكون منحة من الدولة.
فإن كان مستقطعا من راتب المتوفى حال حياته فهو حق للورثة.. ولها أن تأخذ هذا الراتب أو نصيبها منه إن كان معها ورثة، تزوجت أم لم تتزوج...
وإن كان منحة من الدولة وتعطيه الدولة بشروط كعدم العائل أو عدم بلوغ الأولاد فلا يجوز والحالة هذه الأخذ منه إلا بهذه الشروط، ونفقة المرأة في هذه الفترة وهي ما بعد العقد وقبل الدخول فيها تفصيل وهو:
الحالة الأولى: أن تبذل التمكين التام من نفسها لزوجها وتطلب النفقة من الزوج، فيجب على الزوج نفقتها حينئذ، وبالتالي لا يجوز لها الأخذ من هذا الراتب.
الحالة الثانية: أن تمنع نفسها أو يمنعها أولياؤها، أو يتساكتا بعد العقد فلا تبذل ولا يطلب، فلا نفقة لها حينئذ، وعليه، فلها الأخذ من راتب أبيها.
قال في "بدائع الصنائع": إذا تزوج بالغة حرة صحيحة سليمة ونقلها إلى بيته فلها النفقة لوجود سبب الوجوب وشرطه، وكذلك إذا لم ينقلها وهي بحيث لا تمنع نفسها وطلبت النفقة ولم يطالبها بالنقلة فلها النفقة لأنه وجد سبب الوجوب وهو استحقاق الحبس وشرطه وهو التسليم على التفسير الذي ذكرنا، فالزواج بترك النقلة ترك حق نفسه مع إمكان الاستيفاء فلا يبطل حقها في النفقة. اهـ.
وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني": وإذا تزوج بامرأة مثلها يوطأ فلم تمنعه نفسها ولا منعه أولياؤها لزمته النفقة وجملة ذلك أن المرأة تستحق النفقة على زوجها بشرطين: أحدهما أن تكون كبيرة يمكن وطؤها، فإن كانت صغيرة لا تحتمل الوطء، فلا نفقة لها.
الشرط الثاني: أن تبذل التمكين التام من نفسها لزوجها، فأما إن منعت نفسها أو منعها أولياؤها أو تساكتا بعد العقد فلم تبذل ولم يطلب فلا نفقة لها، وإن أقاما زمنا فإن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة ودخلت عليه بعد سنتين ولم ينفق إلا بعد دخوله، ولم يلتزم نفقتها لما مضى، ولأن النفقة تجب في مقابلة التمكين المستحق بعقد النكاح، فإذا وجد استحقت، وإذا فقد لم تستحق شيئا. اهـ.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 32118، والفتوى رقم: 9285.
والله أعلم.