الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أدركت الإمام في التشهد الأخير -كما ذكرت-، وسلم، فإنك تقوم ولا تطيل الجلوس لإكمال التشهد، لأن هذا الجلوس ليس موضع تشهد بالنسبة لك، ولو أطلته فإنك تعرض صلاتك للبطلان.
قال الإمام النووي في المجموع: وَلَوْ سلم الامام فمكث الْمَسْبُوقُ بَعْدَ سَلَامِهِ جَالِسًا وَطَالَ جُلُوسُهُ، قَالَ أَصْحَابُنَا: إنْ كَانَ مَوْضِعَ تَشَهُّدِهِ الْأَوَّلِ جَازَ، وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، لِأَنَّهُ جُلُوسٌ مَحْسُوبٌ مِنْ صَلَاتِهِ، وَقَدْ انْقَطَعَتْ الْقُدْوَةُ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ يَجُوزُ تَطْوِيلُهُ، لَكِنَّهُ يُكْرَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْضِعَ تَشَهُّدِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَجْلِسَ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ، لِأَنَّ جُلُوسَهُ كَانَ لِلْمُتَابَعَةِ، وقد زالت، فإن جلس متعمدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ سَاهِيًا لَمْ تَبْطُلْ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. اهـ.
وفي تحفة المحتاج: فَإِنْ مَكَثَ فِي مَحَلِّ جُلُوسِهِ لَوْ انْفَرَدَ لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ طَالَ أَوْ فِي غَيْرِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ عَلِمَ وَتَعَمَّدَ، لِوُجُوبِ الْقِيَامِ عَلَيْهِ فَوْرًا، وَإِلَّا سَجَدَ لِلسَّهْوِ، وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُخِلَّ بِالْفَوْرِيَّةِ هُنَا هُوَ مَا يَزِيدُ عَلَى قَدْرِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ. اهـ.
وفي مطالب أولي النهى للرحيباني الحنبلي: لَوْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَتَيْنِ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ مَثَلًا، ثُمَّ سَلَّمَ إمَامُهُ؛ فَلَهُ الْبَقَاءُ جَالِسًا إلَى أَنْ يُتِمَّ تَشَهُّدَهُ الْوَاجِبَ؛ لِأَنَّ هَذَا مَوْضِعُ جُلُوسِهِ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، (وَإِلَّا يَكُنْ) فَرَاغُ إمَامِهِ مِنْ ثَانِيَةٍ بِمَوْضِعِ جُلُوسِ الْمَسْبُوقِ، كَكَوْنِهِ سَبَقَهُ بِرَكْعَةٍ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ، ثُمَّ سَلَّمَ الثَّانِيَةَ؛ فَعَلَى الْمَسْبُوقِ أَنْ يَقُومَ فَوْرًا، وَلَوْ لَمْ يُتِمَّ تَشَهُّدَهُ، فَإِنْ لَمْ يَقُمْ فَوْرًا؛ (بَطَلَتْ لِعَامِدٍ) عَدَمَ الْقِيَامِ لَا جَاهِلٍ أَوْ نَاسٍ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. اهـ.
والله أعلم.