الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المنَّ محرَّم، لحديث أبي ذر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، قال: فقرأها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاث مرات، قال أبو ذر: خابوا وخسروا من هم يا رسول الله؟ قال: المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب. رواه مسلم.
قال ابن حزم: ولا يحل لأحد أن يمنّ بما فعل من خير؛ إلا من كثر إحسانه وعومل بالمساءة، فله أن يعدد حسناته. انتهى.
وقال القرطبي -رحمه الله تعالى- في تفسيره: المنَّ ذكر النعمة على معنى التعديد لها والتقريع بها، مثل أن يقول: قد أحسنت إليك ونعشتك وشبهه، وقال بعضهم: المنَّ التحدث بما أعطى حتى يبلغ ذلك المعطي فيؤذيه، والمنَّ من الكبائر، ثبت في صحيح مسلم وغيره أنه أحد الثلاثة الذين لا ينظر الله إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، وروى النسائي عن ابن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ثلاثة لا ينظر إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة تتشبه بالرجال، والديوث، وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه، والمدمن الخمر، والمنان بما أعطى.
وفي بعض طرق مسلم: المنان هو الذي لا يعطي شيئًا إلا منة، والأذى السب والتشكي وهو أعم من المنّ، لأن المنَّ جزء من الأذى، لكنه نص عليه لكثرة وقوعه، وقال ابن زيد: لئن ظننت أن سلامك يثقل على من أنفقت عليه تريد وجه الله، فلا تسلم عليه. انتهى.
هذا عن المنان الصادق، أما المنان الكاذب فقد جمع بين المنّ والكذب والإيذاء والعياذ بالله -تعالى-، فينصح، ويبين له خطورة ما يقوم به، فإن لم ينته، فالصبر والصفح عنه أولى، ويشرع تكذيبه وتعريته أمام من يتباهى بين أيديهم بما لم يفعل.
وأما تركك للوظيفة التي أعطاك الله، فلا معنى له، وضرره أكثر من نفعه، لا سيما إن كنت محتاجًا لها.
والله أعلم.