الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الشركات الأجنبية ينبغي التفصيل في العمل فيها، فإن كانت الشركات لا تشتمل أعمالها على محظور شرعي كالمعاملات الربوية، ويبع أو صنع ما يحرم استعماله كالخمر فإنه لا حرج في العمل بها عند الحاجة.
ويدل لذلك أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يعملون بالأجرة مع اليهود ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم عليهم، فعن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فرأيته متغيراً فقلت بأبي أنت، مالي أراك متغيراً، قال: ما دخل جوفي ما يدخل جوف ذات كبد منذ ثلاث، قال: فذهبت فإذا يهودي يسقي إبلا له فسقيت له على كل دلو بتمرة، فجمعت تمراً فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: من أين لك يا كعب فأخبرته.... الحديث. رواه الطبراني في الأوسط بإسناد جيد، كما قال الهيثمي في المجمع، وقد حسنه الألباني في صحيح الترغيب.
وقد استدل ابن قدامة بهذا الحديث على جوازاستئجار الكافر المسلم، وراجع الفتوى رقم: 1729.
وأما الشركات التي تشتمل معاملاتها على محظور شرعي كالتعامل بالقروض الربوية أو صنع أو بيع ما يحرم استعماله فإنه يجب البعد عن العمل فيها.
وذلك لما في العمل بها من الإعانة على فعل الحرام المنهي عنه بقول الله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة: 2]، ولما روى مسلم في الصحيح عن جابر رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه.
ولما في الحديث: إن الله لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها وشاربها وساقيها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومشتريها وآكل ثمنها. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي والألباني.
والله أعلم.