الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان الحال ما ذكرت من أن أهلك قد علموا بتحرش هذا الرجل بك، ولم يكن منهم دفع لأذاه عنك، فإنهم مسيئون بذلك. ولكن هذا لا يسوغ قطيعتهم، ولا سيما الأبوان، فقطيعتهما أشد نكرا، وأعظم إثما؛ لعظيم حقهما، فقد قرن الله -عز وجل- حقهما بحقه، فقال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء: 23}، وقد عقد البخاري في كتابه الأدب المفرد، بابًا أسماه: باب بر والديه، وإن ظلما ـ وأورد تحته أثرًا عن ابن عباس ـرضي الله عنهماـ قال: ما من مسلم له والدان مسلمان، يُصبح إليهما محتسبًا، إلا فتح له الله بابين ـ يعني: من الجنةـ، وإن كان واحدًا، فواحد، وإن أغضب أحدهما، لم يرضَ الله عنه، حتى يرضى عنه، قيل: وإن ظلماه؟ قال: وإن ظلماه.
وهذا يدل على عظيم فضل بر الوالدين، وأنه قربة من أعظم القربات.
فالواجب عليك صلتهما، وصلة إخوتك بما يعتبر صلة عرفا، ويجب ترك القطيعة والهجر، والمعتبر في الصلة والقطيعة هو العرف، كما هو مبين في الفتوى: 222433.
والله أعلم.