الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن العلماء اختلفوا في رضاع الولد هل هو حق للأم يمكن أن تسقطه وتتنازل عنه، وعليه فلا يمكن جبرها عليه، أو هو حق عليها واجب من واجباتها في حال الزوجية، وقد سبق الكلام على الخلاف في ذلك وبيان الصواب فيه في الفتوى رقم: 43541.
أما إكمال الحولين فإنه غير واجب إذا لم يضر ذلك بالولد ورضى الأبوان، قال القرطبي في تفسيره عند قوله تعالى:وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ [البقرة:233]، قال: فيه دليل على أن إرضاع الحولين ليس حتما فإنه يجوز الفطام قبل الحولين، قال: والزيادة والنقصان إنما يكون عند عدم الإضرار بالمولود وعند رضا الوالدين. انتهى.
وليس من حق المرأة أن تطلب مالاً مقابل الإرضاع ما دامت في حبال الزوجية، لأن الرضاع في حال الزوجية حق عليها على الراجح، لكنها إن احتاجت إلى زيادة النفقة بسبب الرضاع وجب على الزوج كفايتها، قال ابن قدامة في المغني: وإن أرضعت المرأة ولدها وهي في حبال والده فاحتاجت إلى زيادة نفقة لزمه لقول الله تعالى: وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة: 233]، ولأنها تستحق عليه قدر كفايتها فإذا زادت حاجتها زادت كفايتها. انتهى.
وقال خليل بن إسحاق المالكي في مختصره: وتزاد المرضع ما تقوى به، انتهى، ولو أعطى الزوج زوجته مبلغاً من المال تشجيعاً لها وإحساناً منه عليها في فترة الرضاع فلا بأس بذلك، بل إنه أمر طيب، وأما إن كانت الزوجة مطلقة فلا تجبر على الرضاع قولاً واحداً، قال في المغني: ولا نعلم في عدم إجبارها على ذلك إن كانت مفارقة خلافاً. انتهى.
والله أعلم.