الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن من شروط لباس المرأة المسلمة كما ذكر السائل ألا يشبه لباس الرجال، لقوله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من تشبه بالرجال من النساء، ولا من تشبه بالنساء من الرجال. رواه أحمد.
وأن لا يشبه لباس نساء الكفار، لما ثبت أن مخالفة أهل الكفر وترك التشبه بهم من مقاصد الشريعة، قال صلى الله عليه وسلم: ومن تشبه بقوم فهو منهم. رواه أحمد وأبو داود.
وضابط التشبه -كما ذكر أهل العلم- أن يفعل المتشبه ما يختص به المتشبه به، فما كان من الألبسة خاصا بالرجال أو بالكافرات فلا يجوز للمسلمة لبسه، أما ما انتشر بين المسلمين وصار لا يتميز به الكفار فإن لبسه لا يعد تشبهاً إلا أن يكون محرما من جهة أخرى، كأن يكون غير ساتر للعورة، أو مجسدا لها.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وإن قلنا: النهي عنها (أي عن المياثر الأرجوان) من أجل التشبه بالأعاجم فهو لمصلحة دينية، لكن كان ذلك شعارهم حينئذ وهم كفار، ثم لما لم يصر الآن يختص بشعارهم زال ذلك المعنى فتزول الكراهة. انتهى.
فالتشبه المذموم إنما يحصل فيما هو من خصائص الكفار، وفيه الوعيد المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم: من تشبه بقوم فهو منهم.
وما كان من خصائص الرجال ففيه الوعيد واللعن، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال. رواه البخاري.
وهناك ألبسة قد صارت عادة لدى كثير من المسلمين، وخرجت عن حد الخصوصية بالكفار وعن التشبه بهم، إلا إذا لبسها المرء لا يلبسها إلا لأن الكفار يلبسونها، فعندئذ يدخل هذا في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ومن تشبه بقوم فهو منهم. على أن الأولى للمسلم تركها على كل حال.
والله أعلم.