الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ما تأخذه الدولة من راتب الموظف على أنه قرض أو أمانة تعطى للموظف وقت الحاجة أو عند التقاعد فإنه يجب عليها رده والسعي في إيصاله لصاحبه بالطريقة التي ترضيه، ويتعين أن يكون ذلك برضى الموظف قال الله تعالى: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا [النساء:58]، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقترض من الناس ويقضيهم ويزيدهم على حقهم ويقول إن خيركم أحسنكم قضاء، فعن أبي رافع رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استلف من رجل بكرا فقدمت عليه إبل من إبل الصدقة فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره فرجع إليه فقال لم أجد فيها إلا خيارا رباعياً فقال أعطه إياه إن خيار الناس أحسنهم قضاء. رواه مسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل يتقاضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيراً فقال أعطوه سنا فوق سنه وقال خيركم أحسنكم قضاء. رواه البخاري ومسلم.
وإن كانت أخذت من رواتب الموظفين نسبة بسبب حاجتها إلى ذلك طلبا للمساعدة في بعض الخدمات التي تقدمها للمجتمع، فإنه قد سبق بيان جواز ذلك لها بشروط في الفتوى رقم: 592.
وإن كانت أخذت من الرواتب بغير حق فإنه يجب على من فعل ذلك أو شارك فيه بأي وجه رد ذلك عملاً بالحديث: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
فإذا أرادت إرجاع ما أخذت في كل الصور عن طريق إحالتهم أو توكيل أمرهم إلى شركات فإن كانت الشركات ملية موثوقاً بمعاملاتها فالأولى للموظفين أن يقبلوا الحوالة لتلك الشركات، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مطل الغني ظلم فإذا اتبع أحدكم على ملي فليتبع. رواه البخاري ومسلم.
وقد حمل الظاهرية وكثير من الحنابلة وأبو ثور وابن جرير الأمر في هذا الحديث على الوجوب، وحمله الجمهور على الندب، علماً بأن السؤال يحتاج لزيادة توضيح فإن لم يكن ما فهمناه هو المراد فيمكن أن تراجعنا مرة أخرى.
والله أعلم.