الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن هذا من خطر التعدي على الغير، وظلمه، حيث يظلم المسلم أخاه المسلم، ويموت المظلوم قبل التحلل منه، فقد ثبت في الحديث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: من كانت عنده مظلمة لأخيه، فليتحلله منها؛ فإنه ليس ثم دينار، ولا درهم من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه، فطرحت عليه. رواه البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه-.
وقال -صلى الله عليه وسلم-: أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟" قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ، وَلاَ مَتَاعَ. فَقَالَ: "إِنّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمّتِي، يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ، وَصِيَامٍ، وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَىَ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ، قَبْلَ أَنْ يُقْضَىَ مَا عَلَيْهِ، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ، فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمّ طُرِحَ فِي النّارِ. رواه مسلم وأحمد، وغيرهما.
وقال -صلى الله عليه وسلم-: إذا خلص المؤمنون من النار، حبسوا بقنطرة بين الجنة، والنار، فيتقاصون مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا نقوا، وهذبوا أذن لهم بدخول الجنة. رواه البخاري.
فعليك بالتوبة إلى الله -تعالى- مما حصل، وأكثري الاستغفار لها، والدعاء، والترحم عليها، وذكرها بالجميل، فقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أن الحق، إذا كان مما لا يُستوفى، كالغيبة، والنميمة، ونحو ذلك، فإن الظالم يكتفي بالدعاء للمظلوم، والاستغفار له، وذكره بخير، وهو اختيار ابن تيمية، وابن القيم -رحمهما الله-.
واعملي ما تيسر من صدقة، أو حج، أو عمرة عنها؛ فإن ذلك مما يصلها ثوابه -إن شاء الله-، فقد قال الحجاوي في الإقناع: وكل قربة فعلها المسلم، وجعل ثوابها، أو بعضها، كالنصف، ونحوه لمسلم حي، أو ميت جاز، ونفعه؛ لحصول الثواب له، حتى لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من تطوع، وواجب تدخله النيابة، كحج، ونحوه، أولا، كصلاة، ودعاء، واستغفار، وصدقة، وأضحية، وأداء دين، وصوم، وكذا قراءة، وغيرها، واعتبر بعضهم إذا نواه حال الفعل، أو قبله، ويستحب إهداء ذلك، فيقول: اللهم اجعل ثواب كذا لفلان. قال ابن تميم: والأولى أن يسأل الأجر من الله -تعالى- بما يجعله له، فيقول: اللهم أثبني برحمتك على ذلك، واجعل ثوابه لفلان. انتهى.
وأما مرض البنت، فعالجيه بالأسباب المشروعة، كالدعاء، والصدقة، والرقية، وما تيسر من العلاج؛ فإن دعاء الأم مستجاب؛ لحديث أنس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ثلاثُ دَعَواتٍ لَا تُرَدُّ: دَعْوَةُ الوَالِدِ لِوَلَدِهِ، وَدَعْوَةُ الصَّائِمِ، ودَعْوَةُ المُسافِرِ. رواه السيوطي في الجامع الصغير، وصححه الألباني.
وقد ذكر البيهقي في شعب الإيمان: أن عبد الله بن المبارك ـ رحمه الله ـ سأله رجل: يا أبا عبد الرحمن، قرحة خرجت في ركبتي منذ سبع سنين، وقد عالجت بأنواع العلاج، وسألت الأطباء، فلم أنتفع به، فقال: اذهب، فانظر موضعًا يحتاج الناس إلى الماء، فاحفر هناك بئرًا، فإني أرجو أن تنبع هناك عين، ويمسك عنك الدم، ففعل الرجل، فبرئ. قال البيهقي: وفي هذا المعنى حكاية شيخنا الحاكم أبي عبد الله -رحمه الله ـ، فإنه قرح وجهه، وعالجه بأنواع المعالجة، فلم يذهب، وبقي فيه قريبا من سنة، فسأل الأستاذ الإمام أبا عثمان الصابوني أن يدعو له في مجلسه يوم الجمعة، فدعا له، وأكثر الناس التأمين، فلما كان من الجمعة الأخرى ألقت امرأة رقعة في المجلس بأنها عادت إلى بيتها، واجتهدت في الدعاء للحاكم أبي عبد الله تلك الليلة، فرأت في منامها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كأنه يقول لها: قولوا لأبي عبد الله يوسع الماء على المسلمين، فجئت بالرقعة إلى الحاكم أبي عبد الله، فأمر بسقاية الماء فيها، وطرح الجمد في الماء، وأخذ الناس في الماء، فما مر عليه أسبوع، حتى ظهر الشفاء، وزالت تلك القروح، وعاد وجهه إلى أحسن ما كان، وعاش بعد ذلك سنين. اهـ.
ويمكنك سؤال قسم الاستشارات الطبية، والنفسية بموقعنا؛ لعلهم يرشدونك لما يفيدك في الموضوع.
وقد قدمنا الرقية في الفتوى: 80694.
والله أعلم.