الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالديون، والحقوق الثابتة في الذمة، الأصل أن تقضى بالمثل لا بالقيمة، وقد نص قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي رقم (42) المتعلق بشأن تغير قيمة العملة، على أن: العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما، هي بالمثل وليس بالقيمة، لأن الديون تُقضى بأمثالها، فلا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة -أيا كان مصدرها- بمستوى الأسعار. اهـ.
ولكن إذا انهارت عملة الدين، أو انخفضت قيمتها انخفاضًا كبيرًا، يحصل به غبن أو ضرر معتبر لصاحب الحق، فههنا اختلف أهل العلم: بماذا يقضى الدين أو الحق، بمثله أم بقيمته؟ والأظهر أن يراعى تغير القوة الشرائية للعملة أو قيمتها بالذهب.
وعلى هذا، فإن تراضى السائل مع أصحاب المزرعة على شيء يتصالحون عليه، فلا حرج، وإلا فتقدير ذلك يرجع فيه إلى القضاء، أو إلى التحكيم، كما سبق بيانه في الفتوى: 348040.
ولذلك جاء في القرار رقم (89) من قرارات المجمع: بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع قضايا العملة، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دلت على أن هناك اتجاهات عديدة بشأن معالجة حالات التضخم الجامح الذي يؤدي إلى الانهيار الكبير للقوة الشرائية لبعض العملات منها:
أ- أن تكون هذه الحالات الاستثنائية مشمولة أيضاً بتطبيق قرار المجمع الصادر في الدورة الخامسة، ونصه: العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما هي بالمثل، وليس بالقيمة، لأن الديون تقضى بأمثالها، فلا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة أياً كان مصدرها بمستوى الأسعار.
ب - أن يطبق في تلك الأحوال الاستثنائية مبدأ الربط بمؤشر تكاليف المعيشة (مراعاة القوة الشرائية للنقود).
ج - أن يطبق مبدأ ربط النقود الورقية بالذهب (مراعاة قيمة هذه النقود بالذهب عند نشوء الالتزام).
د - أن يؤخذ في مثل هذه الحالات بمبدأ الصلح الواجب، بعد تقرير أضرار الطرفين (الدائن والمدين) ... اهـ.
والله أعلم.