الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنقول ابتداء: ذكرنا في فتاوى سابقة أن تجهيز البنت في زواجها ليس واجبا على الأب، وإنما على الزوج، ولكن إذا جرى العرف بأن المرأة تساعد في تجهيزها، أو توقف زواجها على مساعدتها في تجهيزها، فينبغي للأب مساعدتها، وأن شيخ الإسلام يرى أن تجهيز البنت هو أقرب، أو أشبه بباب الهبات والعطايا، لا بباب النفقة الواجبة، كما في الفتوى: 473080.
وعلى القول بأن ما أنفقته على ابنتك هبة، أو عطية، لا نفقة واجبة، فإنه لا يلزمك أن تعطي البقية مثل ما أعطيتها؛ لأن هذا تفضيل لها، لأجل حاجتها للزواج، وليس لمجرد الإيثار، وتفضيل بعض الأولاد -ذكورا، أو إناثا-؛ للحاجة، لا حرج فيه.
قال ابن قدامة في المغني: فَإِنْ خَصَّ بَعْضَهُمْ لِمَعْنًى يَقْتَضِي تَخْصِيصَهُ، مِثْلَ اخْتِصَاصِهِ بِحَاجَةٍ، أَوْ زَمَانَةٍ، أَوْ عَمَى، أَوْ كَثْرَةِ عَائِلَةٍ، أَوْ اشْتِغَالِهِ بِالْعِلْمِ، أَوْ نَحْوِهِ مِنْ الْفَضَائِلِ، أَوْ صَرَفَ عَطِيَّتَهُ عَنْ بَعْضِ وَلَدِهِ؛ لِفِسْقِهِ؛ أَوْ بِدْعَتِهِ؛ أَوْ لِكَوْنِهِ يَسْتَعِينُ بِمَا يَأْخُذُهُ عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ؛ أَوْ يُنْفِقُهُ فِيهَا، فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ. اهــ.
وليس لك أن توصي بمنع توريث ابنتك، والوصية بهذا باطلة، لا تنفذ شرعا، ولا علاقة لمقدار ما أنفقته عليها بمقدار ما سترثه هي منك لو مت قبلها، فكل وارث يأخذ نصيبه المقدر له شرعا؛ سواء ساويت بين أولادك في النفقة، أو أنفقت على بعضهم أكثر من الآخرين، وليس في هذا ظلم، إذا كانت النفقة بقدر حاجة المنفق عليه.
وانظر الفتوى: 149457 في الوصية بحرمان بعض الورثة.
والله أعلم.