الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا شك في عِظَم جُرْم الكذب، وأنه كبيرة من كبائر الذنوب، ولا يُطْبَع المؤمن على الكذب.
وقد جاءت النصوص بالتحذير منه، وقد أوردنا بعضها في الفتوى: 429568. وراجعي كذلك الفتوى: 341143.
وقد أحسنت بتوبتك إلى الله -عز وجل- من الكذب، وإن تبت من الكذب توبة عام،ة فإنها تشمل هذه الحالة التي كذبت فيها على والديك.
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى: فمن تاب توبة عامة كانت هذه التوبة مقتضية لغفران الذنوب كلها وإن لم يستحضر أعيان الذنوب.... انتهى.
وعلى تقدير أنك لم تتوبي من هذه الحالة المتعلقة بالكذب على والديك، فيمكنك التوبة الآن.
والواجب عليك المبادرة إلى التوبة النصوح، وسبق بيان شروطها في الفتوى: 29785.
ولا ينبغي أن تكون الحالة النفسية التي صارا إليها والأماني التي ينتظرانها حائلا دون توبتك، أو أن يؤدي بك ذلك إلى الوقوع في الكذب مرة أخرى، والاستمرار عليه.
وإن قُدِّر أن سألاك عن أمر هذا العمل، فاستعملي التورية، كأن تقولي لهما: نؤمل في ربنا الكريم أن ييسره، ونحو ذلك من العبارات، ففي المعاريض مندوحة عن الوقوع في الكذب.
قال ابن تيمية: فإن المعاريض عند الحاجة والتأويل في الكلام وفي الحلف للمظلوم بأن ينوي بكلامه ما يحتمله اللفظ وهو خلاف الظاهر، كما فعل الخليل صلى الله عليه وسلم، وكما فعل الصحابي الذي حلف أنه أخوه وعنى أخوه في الدين، وكما قال أبو بكر -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم: رجل يهديني السبيل. وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم للكافر الذي سأله: ممن أنت؟ فقال: نحن من ماء، إلى غير ذلك أمر جائز. انتهى.
والله أعلم.