الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما زاد السائل على إخبار شريكه بأنه يريد فض الشراكة في مقابل رقم محدد يعطيه إياه، وقد رد شريكه بأنه سيفكر بالموضوع، وبقي الأمر معلقا عند هذا الحد لمدة سنوات.
وهذا ليس فسخا، وإنما تفاوض على الفسخ، فإنه لم يحصل فيه جزم بحل العقد.
قال السبكي في «الأشباه والنظائر»: الفسخ حل ارتباط العقد. اهـ.
وكون الشركة عقدا جائزا، لا لازما، لا يعني عدم الحاجة عند فسخها إلى صيغة تدل عليه، وإنما يعني أن فسخها لا يفتقر إلى قبول ذلك من الشريك الآخر، فلو أوجب أحد الشركين فسخ الشركة انفسخت، ولو لم يقبل شريكه.
قال السيوطي في «الأشباه والنظائر»: يغتفر في الفسوخ ما لا يغتفر في العقود، ومن ثَمَّ لم يحتج إلى قبول. اهـ.
والسائل لم يذكر إيجابا منه لفسخ العقد، وإنما فاوض عليه شريكه فحسب.
وعلى أية حال، فالفصل في قضايا المنازعات، والحقوق المشتركة محلُّهُ المحاكمُ الشرعية، أو من ينوب منابها؛ لأنها الأقدر على السماع من أطراف النزاع، وإدراك حقيقة الدعاوي، والبينات، والدُّفُوع، ثم إصدار الحكم المؤسس على ذلك. وأما المفتي، فإنه لا يَسْمَع إلا من طرفٍ واحد، ولن يكون تصوره للمسألة، إلا بحسب ما تُتِيْحُه طريقةُ الاستفتاء، ولذلك لا يستطيع إصدار الحكم الدقيق في مثل هذه القضايا.
والله أعلم.