الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من سؤالك أن الرجل المتوفى لم يدفَن بساحة المسجد، وإنما الموجود هو بقعة من الأرض محجورة بالطوب بمثابة ذكرى للرجل المتوفى.
وعلى كل حال؛ فالصلاة في هذا المكان مجزئة، ولا تجب إعادتها. لكن تعظيم مكان بما لم يعظمه الله به غير مشروع.
جاء في مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية: ولم يشرع الله تعالى للمسلمين مكانا يقصد للصلاة إلا المسجد. ولا مكانا يقصد للعبادة إلا المشاعر. فمشاعر الحج كعرفة ومزدلفة ومنى تقصد بالذكر والدعاء والتكبير لا الصلاة، بخلاف المساجد فإنها هي التي تقصد للصلاة.
وما ثم مكان يقصد بعينه إلا المساجد والمشاعر، وفيها الصلاة والنسك، قال تعالى: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت}.
وما سوى ذلك من البقاع، فإنه لا يستحب قصد بقعة بعينها للصلاة ولا الدعاء ولا الذكر؛ إذ لم يأت في شرع الله ورسوله قصدها لذلك، وإن كان مسكنا لنبي، أو منزلا أو ممرا.
فإن الدين أصله متابعة النبي -صلى الله عليه وسلم- وموافقته بفعل ما أمرنا به، وشرعه لنا، وسَنَّه لنا.
ونقتدي به في أفعاله التي شرع لنا الاقتداء به فيها، بخلاف ما كان من خصائصه.
فأما الفعل الذي لم يشرعه هو لنا، ولا أمرنا به، ولا فعله فعلا سن لنا أن نتأسى به فيه؛ فهذا ليس من العبادات والقُرًب. فاتخاذ هذا قربة مخالفة له صلى الله عليه وسلم. اهـ.
أما جماعة المسجد فإن صلاتهم صحيحة، ولم يحصل ما يؤدي إلى بطلانها.
وننصح القائمين على المسجد بتسوية الأرض، وإزالة الطوب، ومحو الأثر الذي يرمز إلى الرجل المتوفى، فإن هذا من سدّ الذريعة الذي يطلب شرعا. وراجع الفتوى: 51407
والأنفع له مما عملوه هو أن يكثروا من الدعاء له، والاستغفار، والصدقة عنه.
والله أعلم.