الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الإجابة عن البنود الواردة في هذا العقد لا بد من معرفة شروط المرابحة الشرعية، وقد تقدمت لنا فتاوى كثيرة في ذلك، فراجع مثلا الفتاوى التالية: 38811، 1608، 12240، 5706، 17429.
أما عن البنود الواردة في العقد المرفق فالكلام عنها في نقاط:
الأولى: الإصرار والتكرار على أن الأمر بالشراء والوعد به هو جزء لا يتجزأ من العقد وهذا غير صحيح، حيث إن الأمر بالشراء والوعد به شيء خارج عن العقد، والوفاء بهذا الوعد راجع إلى مسألة حكم الوفاء بالوعد، وقد ذهب الجمهور إلى استحباب ذلك، وذهب المالكية إلى الاستحباب إلا أن يكون الموعود قد دخل بسبب الوعد بالتزام، وراجع الفتوى رقم: 17057.
والثانية: مسألة البراءة من العيوب وإلغاء خيار العيب في بيع البنك السلع للعميل، وقد اختلف أهل العلم في ذلك:
فذهب الحنفية وهو رواية في مذهب مالك وقول في مذهب الشافعي إلى أن ذلك جائز ويبرأ من كل عيب كان برضى الطرفين.
وذهب المالكية والشافعية وهو رواية عن أحمد إلى أنه لا يبرأ من أي عيب إلا إذا كان عيبا باطنا لا يعلمه في دابة.
والرواية الثانية عن أحمد وهو قول في مذهب الشافعية على أنه لا يجوز مطلقا ولا يبرأ من أي عيب.
والثالثة: مسألة التزام العميل بالتأمين، فإذا كان تأمينا تعاونيا فلا حرج في ذلك إذا كان بالتراضي، وإذا كان تأمينا تجاريا فقد تقدمت لنا فتاوى كثيرة في أن ذلك حرام، فراجع مثلا الفتاوى التالية: 3281، 472، 7394، 2593 .
والرابعة: مسألة ضع وتعجل أي يحصل الاتفاق على أن المدين إذا دفع الدين قبل الاستحقاق فإنه يوضع عنه من الدين شيء، والمذاهب الأربعة على عدم جواز ذلك، وأجاز ذلك بعض أهل العلم، وراجع التفاصيل في الفتوى رقم: 21558، والفتوى رقم: 30303.
والخامسة: مسألة غرامات التأخير، حيث لا يجوز للبنك فرض غرامات التأخير على من تأخر في السداد، لأنه إما مماطل فيمكن أن يتخذوا ضده إجراءات مشروعة كالسجن أو الضرب من طرف السلطات.
قال ابن عاصم المالكي:
ومن على الأموال قد تقعدا فالحبس والضرب الشديد سرمدا
أو يأخذوا قبل ذلك من الضمانات ما يحفظ لهم حقهم، وإما أن يكون معسرا فيجب حينئذ إنظاره، قال تعالى: [وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ] (البقرة: 280). وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 34491، والفتوى رقم: 19382، والفتوى رقم: 28316.
والسادسة: اشتراط فسخ العقد والأداء الفوري إذا لم يسدد العميل أو إذا أفلس أو كان محلا لمتابعة قضائية حيث إن في هذا الشرط ما في النقطة السابقة فيما يتعلق بإعسار العميل، والواجب حينئذ إنظاره لا التضييق عليه.
وفي بقية شروط الفسخ والأداء الفوري ما يدخل في بيع وشرط وهو منهي عنه.
والسابعة: إرجاع حل النزاع الحاصل بين البنك والعميل إلى المحكمة الموجودة في البلد، وهذا الإطلاق لا يجوز، لأن الغالب في تلك المحاكم هو عدم الالتزام بالأحكام الشرعية في قضائها وخاصة في المعاملات المالية.
والثامنة: ما يتعلق بالصيغة المرفقة للأمر بالشراء، حيث إن هذه الصيغة تشتمل على التأمين وغرامة التأخير وغير ذلك مما سبق الحديث عنه.
ولمزيد فائدة راجع أيضا الفتوى رقم: 32221.
والحاصل أن في العقد المذكور من المحاذير الشرعية ما يلزم المسلم بالابتعاد عنه، فهو ظلمات بعضها فوق بعض.
والله أعلم.