الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن من المعلوم أن الله أوجب طاعة الوالدين، وجعل عقوقهما من الكبائر، لكن طاعتهما إذا تصادمت مع طاعة الله تعالى، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وقد قال الله تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا [لقمان:15]، قال القرطبي عند تفسير هذه الآية الكريمة: وجملة هذا الباب أن طاعة الأبوين لا تراعى في ارتكاب كبيرة ولا في ترك فريضة على الأعيان، وتلزم طاعتهما في المباحات. انتهى كلامه.
ومعنى هذا الكلام أن الولد لا يجب عليه أن يطيع والديه إذا أمراه بمعصية، ولا شك أن قطيعة الرحم معصية، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة قاطع، قال سفيان في رواية: يعني قاطع رحم. متفق عليه.
وقال: إنما الطاعة في المعروف. متفق عليه، إذا علمت هذا فارفق بوالديك وبين لهما أن الأمر بقطيعة الرحم أمر بمعصية فليتقيا الله تعالى وليحذرا من عقوبته، وإذا تركت أولادك يذهبون إلى أهل أمهم فلست عاقاً؛ لما تقدم من أن البرور مقيد بالمعروف، ومن أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وللمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 27866.
والله أعلم.