الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن توفيت عن ثلاثة أبناء، وخمس بنات، ولم تترك وارثا غيرهم، فإن تركتها لأبنائها، وبناتها -تعصيبا- للذكر مثل حظ الأنثيين، لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء:11}.
فيقسم المبلغ المذكور على أحد عشر سهما، لكل ابن سهمان، ولكل بنت سهم واحد، فيتحصل لكل ابنٍ سبعةُ آلاف ومائتان واثنان وسبعون، وكسر -7272.72- ويتحصل لكل بنت ثلاثة آلاف وستمائة وستة وثلاثون، وكسر -3636.36- وهذه صورة مسألتهم:
الورثة | أصل المسألة 11 |
---|---|
3 أبناء | 6 |
5 بنات | 5 |
والمال الذي تركته المرأة، ولا يعلم به الورثة، فهو لهم، ويقسمونه بينهم القسمة الشرعية للميراث، وكون الورثة لا يعلمون به هذا لا يسقط حقهم فيه، بل هو ملك لهم من اللحظة التي ماتت فيها.
وأما القول بأنها أوصت بجميع المال إلى حفيدها، فجوابنا يتخلص فيما يلي:
أولا: قد بينا في الفتويين: 244003، 170085أن الوصية لا تثبت بدون إشهاد، وبينا العدد المطلوب في إثباتها.
ثانيا: لا بد من إخبار الورثة بالوصية المُدَّعاة، فإن صدقوا بها؛ فلا حاجة لإقامة البينة عليها، وتمضي في حدود الثلث فقط، فيأخذ الحفيد الموصى له من المال مقدار الثلث فقط، إلا إذا أراد الورثة إمضاء ما زاد على الثلث، فتمضي في نصيب البالغ الرشيد منهم، وإذا لم يرض الورثة بإمضاء ما زاد على الثلث، فإنه يرد الثلثان إلى الورثة، يقسمونهما بينهم القسمة الشرعية، لأن الوصية لغير الوارث تمضي في ثلث المال، وما زاد فهو للورثة.
قال ابن هبيرة في كتابه اختلاف الأئمة العلماء: وَأَجْمعُوا على أَن الْوَصِيَّة بِالثُّلثِ لغير وَارِث جَائِزَة، وَأَنَّهَا لَا تفْتَقر إِلَى إجَازَة الْوَرَثَة، وَأَجْمعُوا على أَن مَا زَاد على الثُّلُث إِذا أوصى بِهِ من ترك بَنِينَ وعصبة أَنه لَا ينفذ إِلَّا الثُّلُث، وَأَن الْبَاقِي مَوْقُوف على إجَازَة الْوَرَثَة، فَإِن أجازوه نفذ، وَإِن أبطلوه لم ينفذ. اهــ.
ثالثا: إن لم يصدق الورثة بالوصية، فَلْيُقِم المُدَّعِي لها البينة الشرعية على دعواه، فإن أقامها استحقها الموصَى له على التفصيل الذي ذكرناه آنفا، وإن لم يُقِم البينة الشرعية أخذ الورثة كل المال.
والله أعلم.