الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم أخبر عن أشياء كثيرة من أمور القيامة نحو الحديث الذي أشرت إليه، وهو في الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن رجلا رأى كلبا يأكل الثرى من العطش، فأخذ الرجل خفه، فجعل يغرف له به حتى أرواه، فشكر الله له فأدخله الجنة.
وروى الشيخان كذلك عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عذبت امرأة في هرة حسبتها حتى ماتت جوعا فدخلت فيها النار.... الحديث.
وفي هذه الأمور التي ذكرت مع أن القيامة لم تقم بعد تفسيران أوردهما النووي عند شرح الحديث: عرضت علي الجنة والنار: قال: قال القاضي عياض: قال العلماء: تحتمل أنه رآهما رؤية عين كشف الله تعالى عنهما، وأزال الحجب بينه وبينهما، كما فرج له عن المسجد الأقصى حين وصفه، ويكون قوله صلى الله عليه وسلم في عرض هذا الحائط أي في جهته وناحيته، أو في التمثيل لقرب المشاهدة، قالوا: ويحتمل أن يكون رؤية علم، وعرض وحي باطلاعه وتعريفه من أمورها تفصيلاً، ما لم يعرفه قبل ذلك...
ويمكن أن يكون الذي حصل هو مجرد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أخبر عن دخول بعض الناس الجنة أو النار بإخبار من الله أنهم سيدخلونها يقينا، ولا غرابة في الإخبار بصيغة الماضي عما هو مجزوم بوقوعه في المستقبل، على غرار قوله تعالى: أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [النحل:1].
والله أعلم.