الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فوقف المرء المال على أولاده يصح إن وقع بصيغة ناجزة، بأن يخلي بينهم وبين الشيء الموقوف في حياته، أو يخلي بينه وبين ناظره، وأما لو بقي تحت يده هو حتى مات فإن الوقف يبطل لعدم الحوز، قال الدرديري: وأما ما له غلة كربع وحائط وحانوت يحبسه في صحته، وكان يكريه ويفرق غلته على مستحقيه كل عام -مثلا- ولم يخرجه من يده قبل المانع كالموت حتى حصل المانع، بطل وقفه لعدم الحوز.أهـ. ومثل ذلك في البطلان ما إذا أوقفه عليهم بصيغة الوصية ، بأن قال: هو وقف على أولادي بعد موتي فإنه لا يصح حينئذ لكونه صار وصية لوارث، وراجع فيه الفتوى رقم: 18071.
ثم إن أهل العلم اختلفوا في تحديد ما يصح وقفه من المال وما لا يصح وقفه، والذي عليه جمهورهم أنه لا يصح أن يوقف إلا ما يمكن الانتفاع بغلته مع بقاء عينه، وراجع في هذا الفتوى رقم: 14835.
وبناء على جميع ما تقدم.. فإن وقف أبيكم هذا صحيح فيما تعلق بالدور والحيوانات والعقار بكافة أنواعه، والآلات والأفرشة، وغير صحيح عند الجمهور فيما كان مثل الأطعمة والأشربة والمبالغ النقدية ونحو ذلك مما لا يصح استغلاله وبقاء عينه، وبناء على قول الجمهور فلا يصح إذاً لأي منكم أن يبيع شيئا مما بينا صحة وقفه، بخلاف غيره فلكم الانتفاع به على أي وجه أردتموه.