الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
ففي هذا السؤال مسألتان:
ـ الأولى: حكم التعامل مع البنوك.
ـ والثانية: حكم مخالفة الاتفاق المتعاقد عليه مع البنك.
أما المسألة الأولى: فلا يجوز الدخول في معاملة ربوية -لا مع البنك، ولا مع غيره من المؤسسات، أو الأفراد- فإن الربا من كبائر الذنوب، بل من السبع الموبقات، ومن موجبات اللعنة، وهو الذنب الذي سماه الله حربا له ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وحرمته ثابتة بالكتاب، والسنة، والإجماع، ولا يستثنى من ذلك إلا ما تبيحه الضرورات التي تبيح المحظورات، كما قال الله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام: 119}. وقال سبحانه: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {البقرة: 173}.
وقد سبق لنا بيان حد الضرورة التي تبيح الربا، فراجع في ذلك الفتاوى: 322741، 6501، 22567.
ولمزيد من الفائدة يمكن الاطلاع على الفتوى: 491287.
وأما المسألة الثانية: فإن الأصل هو وجوب الوفاء بشروط العقد؛ لقول الله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: 1}.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه البخاري تعليقا، وأبو داود، والترمذي وقال: حسن صحيح، وصححه الألباني.
وقال القاسم بن محمد: ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم وفيما أعطوا. رواه مالك في الموطأ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: إذا كان حسن الوفاء، ورعاية العهد مأمورا به، علم أن الأصل صحة العقود، والشروط؛ إذ لا معنى للتصحيح إلا ما ترتب عليه أثره، وحصل به مقصوده، ومقصوده هو الوفاء به. اهـ.
فإن كان الحصول على هذا التمويل مشروطا بتنفيذ مشروعات جديدة، فلا يصح التحايل لأخذه لغرض آخر كسداد الديون، أو غير ذلك.
والله أعلم.