الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبداية نشكرك على اهتمامك بموقعنا ونسأل الله تعالى أن يهديك إلى الحق ويثبتك عليه.
ثم اعلمي وفقك الله تعالى، أن ترك الصلاة واقتراف الزنا وإجهاض الحمل وإتيان الساحر أمور كلها في غاية الحرمة، لأنها من أعظم الكبائر التي توعد المولى جل جلاله أصحابها بالوعيد الشديد يوم القيامة إذا لم يتوبوا, ففي شأن المضيع للصلاة يقول الله تعالى : [فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّا إِلَّا مَنْ تَابَ] (مريم:60)
وقوله : [فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ](الماعون:5)
وإذا كان هذا جزاء المتهاون، فما بالك بالتارك، بل أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل تضييع الصلاة كفرا حيث قال: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر. رواه أحمد وأصحاب السنن . ويقول صلى الله عليه وسلم : من ترك الصلاة متعمدا برئت منه ذمة الله ورسوله.
أما الزنا فهو من قبائح الذنوب، وقد قرن الله بين فاعله وصاحب الشرك بقوله: [وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً](الفرقان:69)
وفي كيفية هذا العذاب ورد قوله صلى الله عليه وسلم من حديث سمرة من جندب، وفيه: رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة، فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور أعلاه ضيق وأسلفه واسع يتوقد تحته نارا، فإذا ارتفعت ارتفعوا حتى كاد أن يخرجوا وإذا أخمدت رجعوا فيها، وفيها رجال ونساء عراة.
وفي لفظ: وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا. وفي آخر الحديث سأل عنهم النبي صلى الله عليه وسلم فقيل له : وأما الرجال والنساء العراة الذين هم في مثل بناء التنور فإنهم الزناة والزواني. رواه البخاري.
ولا شك أن الذنوب سبب قوي ومباشر لما يحل بالانسان من المصائب والقلاقل وضيق الصدر والاكتئاب أو ما شابه ذلك، ومصداق ذلك قول الحق سبحانه: [وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ] (الشورى:30)
وقوله: [وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى] (طـه:124)
وعلى هذا؛ فالواجب عليك أيتها الأخت أن تبادري إلى التوبة النصوح، وهي الإقلاع عن الذنب والندم على ما فات منه وعقد العزم الأكيد على عدم العود اليه. واعلمي أن الله تعالى بمنه وكرمه وعد التائب الصادق بقبول توبته وبمحو ذنوبه بالغة ما بلغت، فقال سبحانه: [قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ](الزمر:53)
بل إن من عظيم فضل الله وإحسانه على عباده أنه وعد التائبين بتبديل سيئاتهم حسنات كما قال سبحانه: [ فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً] (الفرقان: 70)
وروى الترمذي عن أنس بن مالك قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأ تيتك بقرابها مغفرة، فاقبلي على ربك وتقربي إليه بالأعمال الصالحة فإنه القائل: [وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً] (طـه: 82) . وقال سبحانه: [إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ](هود: 114). واعلمي أنك إن فعلت ذلك أذهب الله عنك كل ضيق وعشت في دنياك عيشة طيبة وسعادة هنية، وإن مت كنت مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، ومما يقوي التوبة كثرة ذكر الله تعالى والتزام طاعته والبعد عن معاصيه ومصاحبة الخيِّرات ومجانبة أهل الشر والعصيان فهم شر مستطير، وبخصوص ذلك الشاب الذي ذكرت فيجب عليك قطع الصلة به تماما كما هو الحال مع جميع الرجال الأجانب، وأخيرا نؤكد عليك بالمبادرة بالتوبة إلى الله عزوجل قبل مفاجأة الموت على هذه الحالة المشينة.