الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحق الوالدين على ولدهما عظيم، وبرهما وطاعتهما في المعروف من أوجب الواجبات، وأفضل القربات.
وطاعة الوالدين تجب فيما يكون لهما فيه غرض صحيح، وليس على الولد فيه ضرر.
قال ابن تيمية -رحمه الله-: وَيَلْزَمُ الْإِنْسَانَ طَاعَةُ وَالِدِيهِ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ وَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ أَحْمَدَ، وَهَذَا فِيمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَهُمَا، وَلَا ضَرَرَ، فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَضُرَّهُ؛ وَجَبَ، وَإِلَّا فَلَا. انتهى من الفتاوى الكبرى.
وعليه؛ فإذا أمر الأب ابنته بالعمل في البيت ولم يكن عليها ضرر في هذا العمل؛ فالظاهر لنا -والله أعلم- وجوب طاعة أبيها؛ وليس لها معصيته بسبب رغبتها في التفرغ لطلب العلم غير الواجب.
لكن لا مانع من السعي في إقناع الوالد بتركها تتفرغ لطلب العلم، ويمكنها توسيط بعض العقلاء من الأقارب أو غيرهم من الصالحين، ممن له وجاهة عنده ويقبل قولهم؛ ليكلموه في هذا الأمر ويقنعوه بالموافقة على تفرغها لطلب العلم.
وإذا لم يرض؛ فبإمكان البنت الجمع بين العمل وطلب العلم، وهذا يسير بإذن الله تعالى، ولا سيما إذا أخلصت نيتها لله في طاعة أبيها؛ فبر الوالدين من أسباب التوفيق.
والله أعلم.