الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يلزم أن يكون تعسُّر الدراسة أو الزواج؛ عقوبة على ذنب معين؛ لكن الأصل أنّ العبد إذا وجد في أموره تعسَّرًا وقلة توفيق؛ عليه أن يتَّهِم نفسه، وأن يجدد التوبة إلى الله، ويكثر من الاستغفار.
ففي صحيح مسلم عن أبي ذر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه: … يَا عِبَادِي، إِنَّمَا هِي أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ.
قال ابن رجب الحنبلي -رحمه الله- في جامع العلوم والحكم: الْمُؤْمِنُ إِذَا أَصَابَهُ فِي الدُّنْيَا بَلَاءٌ، رَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ بِاللَّوْمِ، وَدَعَاهُ ذَلِكَ إِلَى الرُّجُوعِ إِلَى اللَّهِ بِالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ. انتهى.
فإن كان منكِ جفاء، أو تقصير في حقّ والديك؛ فالواجب عليك المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى، وإذا كانت محبتك لهما ضعيفة بسبب جفائهما معك؛ فلا تُلامين على ضعف المحبة؛ أو عدم الميل القلبي لهما، ما لم يترتب عليه قول، أو فعل محرم. وانظري الفتوى:216127.
فاحرصي على برّهما، والإحسان إليهما؛ فحقّ الوالدين عظيم، ولا يسقط حقُّهما بإساءتهما أو جفائهما مع الولد.
جاء في الأدب المفرد للبخاري -رحمه الله-: باب بر والديه وإن ظلما.
وأورد تحته أثرًا عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: ما من مسلم له والدان مسلمان، يُصبح إليهما محتسبًا، إلا فتح له الله بابين -يعني: من الجنة-، وإن كان واحدًا فواحد، وإن أغضب أحدهما، لم يرضَ الله عنه حتى يرضى عنه. قيل: وإن ظلماه؟ قال: وإن ظلماه. انتهى.
وانظري الفتوى: 424999، والفتوى: 158729
والله أعلم.