الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يخفى أن العبد مطالب بالامتثال لأوامر الله سبحانه واجتناب نواهيه، وسواء علم الحكمة أو جهلها، قال سبحانه: [وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً] (الأحزاب:36)
ولهذا لما سئلت عائشة رضي الله عنها: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ قالت للسائلة: أحرورية أنت؟ ثم قالت : كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة. فأحالت على الأمر الشرعي ولم تشر إلى الحكمة.
ثم إن من يهب الشيء ويملك الشيء إذا تصرف في ملكه لا يقال له لم تصرفت في ملكك، فالذي وهب (الإنسانية ) التي تزعم السائلة أنها انتقصت والذي فرض الفرائض الدينية هو الله، وهو سبحانه من أمر المرأة أن تترك الصلاة والصيام حال حيضها.
فالمرأة ممنوعة من الصلاة وقت الحيض بالنص والإجماع، وذلك لأن الطهارة شرط من شروط صحة الصلاة، وذلك منتف بالحيض، قال صلى الله عليه وسلم: لا تقبل صلاة بغير طهور. رواه مسلم
وقال الله في الحيض ومنافاته للطهارة: [وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ](البقرة: 222). وأما الصوم فمن العلماء من قال إن منع الحائض منه غير معقول المعنى، ومنهم من التمس وجه المنع، فقد نقل الشافعية عن إمام الحرمين، قوله: وكون الصوم لا يصح منها: لايدرك معناه، لأن الطهارة ليست مشروطة فيه.
قال البجيرمي في حاشيته على الخطيب(382/2 ): قوله: ( لا يدرك معناه)
والصحيح أنه أمر معقول المعنى، وذلك لأن الحيض يضعف البدن، والصوم يضعفه، واجتماع مضعفين يضر ضرراً شديداً، والشارع ناظر لحفظ الأبدان. ا.هـ . وبهذا يعلم أن منع الشارع المرأة الحائض من الصوم فيه مراعاة لمصلحتها.
والله أعلم.