الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا تعارض بين معجزة انشقاق القمر ومضمون الآية الكريمة، ولله الحمد والمنة، وذلك لأن الآيات التي لم يرسلها الله تعالى وعلق الهلاك على التكذيب بها هي التي طلبها المشركون من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأعيانها، وأما انشقاق القمر فلم تطلب منه عليه الصلاة والسلام، قال القرطبي رحمه الله في تفسير قول الله تعالى: وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا [الإسراء:59]: في الكلام حذف، والتقدير: وما منعنا أن نرسل بالآيات التي اقترحوها إلا أن يكذبوا بها فيهلكوا كما فعل بمن كان قبلهم، قال معناه قتادة وابن جريج وغيرهما، فأخر الله تعالى العذاب عن كفار قريش لعلمه أن فيهم من يؤمن وفيهم من يولد مؤمنا، وقد تقدم في الأنعام وغيرها أنهم طلبوا أن يحول الله لهم الصفا ذهبا وتتنحى الجبال عنهم، فنزل جبريل وقال: إن شئت كان ما سأل قومك ولكنهم إن لم يؤمنوا لم يمهلوا، وإن شئت استأنيت بهم، فقال: لا بل استأن بهم.
وأما انشقاق القمر فإنه آية لم يطلبها المشركون بعينها وإنما طلبوا آية دون تحديد فانشق القمر، كما في صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: سأل أهل مكة أن يريهم آية فأراهم انشقاق القمر.
وبهذا تبين أنه لا تعارض يبن انشقاق القمر ومضمون الآية الكريمة ولله الحمد والمنة.
والله أعلم.