الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن من الخطأ العظيم تعمد القول في القرآن بغير علم، فعلى من فعل ذلك أن يتوب توبة صادقة، ويبتعد عن العود لذلك، ففي الحديث: من قال في القرآن بغير علم، فليتبوأ مقعده من النار. رواه أحمد، والترمذي.
وأخرج الترمذي من حديث جندب بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من قال في القرآن برأيه فأصاب، فقد أخطأ.
وقال المباركفوري في تحفة الأحوذي: من قال في القرآن برأيه- أي بغير دليل يقيني، أو ظني نقلي، أو عقلي مطابق للشرعي، قاله القاري، ومن قال -أي من تكلم- في القرآن: أي في معناه، أو قراءته برأيه، أي من تلقاء نفسه من غير تتبع أقوال الأئمة من أهل اللغة، والعربية المطابقة للقواعد الشرعية، بل بحسب ما يقتضيه عقله، وهو مما يتوقف على النقل، وقوله: من قال في القرآن- أي في لفظه، أو معناه، برأيه، أي بعقله المجرد، فأصاب، أي ولو صار مصيبا بحسب الاتفاق، فقد أخطأ، أي فهو مخطئ، بحسب الحكم الشرعي. اهـ.
وقال ابن حجر: أي أخطأ طريقة الاستقامة بخوضه في كتاب الله تعالى بالتخمين والحدس؛ لتعديه بهذا الخوض مع عدم استجماعه لشروطه، فكان آثماً به مطلقا، ولم يعتد بموافقته للصواب، لأنها ليست عن قصد، ولا تحر، بخلاف من كملت فيه آلات للتفسير، فإنه مأجور بخوضه فيه، وإن أخطأ، لأنه لا تعدي منه، فكان مأجورا أجرين كما في رواية، أو عشرة أجور، كما في أخرى إن أصاب، وأجر إن أخطأ كالمجتهد، لأنه بذل وسعه في طلب الحق، واضطره الدليل إلى ما رآه، فلم يكن منه تقصير بوجه. اهـ.
والله أعلم.