الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان ينزل عليه القرآن فيذكر للصحابة مواضع الآيات التي تنزل عليه؛ فكان الصحابة -رضي الله عنهم- يتلونه هكذا، ورواه التابعون عنهم هكذا، وتناقلته الأمة بعد ذلك هكذا.
ففي المستدرك على الصحيحين للحاكم: عن ابن عباس، قال: قال عثمان: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان، وهو ينزل عليه من السور ذوات العدد، قال: وكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من يكتب له، فيقول: «ضعوا هذه في السورة التي فيها كذا وكذا» ...
قال الحاكم:هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وصححه الذهبي.
وعن أوس بن أبي أوس عن حذيفة الثقفي قال: كنت في الوفد الذين أتوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسلموا من ثقيف ... الحديث.
وفيه: فمكث عنا ليلة لم يأتنا حتى طال علينا ذلك بعد العشاء، قال: قلنا: ما أمكثك عنا يا رسول الله؟ قال: "طرأ عليّ حزبي من القرآن، فأردت أن لا أخرج حتى أقضيه".
قال أوس: فسألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف تحزبون القرآن؟ قالوا: نحزبه: ثلاث سور، وخمس سور، وسبع سور، وتسع سور، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، وحزب المفصل من ق حتى تختم.
رواه أحمد والطيالسي وابن أبي شيبة ابن أبي عاصم وأبو داود في سننه، وابن ماجه والبيهقي في شعب الإيمان.
وقال ابن الأنباري: أنزل الله القرآن كله إلى السماء الدنيا، ثم فرقه في بضع وعشرين سنة، فكانت السورة تنزل لأمر يحدث، والآية جواباً لمستخبر، ويوقف جبريل النبي -صلى الله عليه وسلم- على موضع الآية والسورة .... اهـ.
وقد ذكر ابن حجر في الفتح: أن جبريل كان يتعاهده كل سنة فيعارضه بما نزل عليه من الوحي من رمضان إلى رمضان.
وذكر: أن زيد بن ثابت حضر العرضة الأخيرة، وقد قام زيد بن ثابت بتكليف من أبي بكر الصديق بجمع القرآن في المصحف فجمعه -رضي الله عنه- على الترتيب الذي قرأه النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل ...
والله أعلم.