الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعفو من مكارم الأخلاق المأمور بها، ومن باب أولى في حق الأقربين كالأخت.
قال تعالى: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {آل عمران: 134}. وقال سبحانه: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {الشورى: 40}.
فاعفي عن أختك، وكفري عن يمينك، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وإني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا كفرت عن يميني، وأتيت الذي هو خير.
وفيهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: والله لأن يَلجَّ أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند الله من أن يعطي كفارته التي فرض الله.
جاء في شرح مسلم للنووي: ومعنى الحديث: أنه إذا حلف يمينا تتعلق بأهله ويتضررون بعدم حنثه ويكون الحنث ليس بمعصية فينبغي له أن يحنث فيفعل ذلك الشيء ويكفر عن يمينه، فإن قال: لا أحنث بل أتورع عن ارتكاب الحنث وأخاف الإثم فيه فهو مخطئ بهذا القول، بل استمراره في عدم الحنث وإدامة الضرر على أهله أكثر إثما من الحنث. اهـ.
جاء في مطالب أولي النهى: فمن حلف على فعل مكروه أو حلف على ترك مندوب، سن حنثه وكره بره؛ لما يترتب على بره من ترك المندوب قادرا.
ومن حلف على فعل مندوب أو ترك مكروه، كره حنثه، وسن بره؛ لما يترتب على بره من الثواب بفعل المندوب، وترك المكروه امتثالا.
ومن حلف على فعل واجب أو على ترك محرم، حرم حنثه؛ لما فيه من ترك الواجب أو فعل المحرم، ووجب بره؛ لما مر.
ومن حلف على فعل محرم أو ترك واجب، وجب حنثه؛ لئلا يأثم بفعل المحرم أو ترك الواجب وحرم بره لما سبق.
ويخير من حلف في مباح ليفعلنه أو لا يفعله بين حنثه وبره، وحفظها فيه أولى من حنثه؛ لقوله تعالى: {واحفظوا أيمانكم} [المائدة: 89]. اهـ.
وكفارة اليمين مبينة في قوله تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ {المائدة: 89}.
والله أعلم.