الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أخطأ خطأ فاحشا من قلل من أهمية الأحاديث أو قال بعدم الحاجة إليها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو المبين عن الله تعالى، قال تعالى: [وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ] (النحل: 44). وقال: [وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ] (النحل: 64). وقال: [وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا] (الحشر: 7).
وقال الإمام السيوطي في كتابه "مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة" فاعلموا رحمكم الله أن من أنكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم قولا كان أو فعلا بشرطه المعروف في الأصول حجة كفر وخرج عن دائرة الإسلام، وحشر مع اليهود والنصارى، أو مع من شاء من فرق الكفرة.
وعما سألت عنه، فإنه لا تعارض بين حديث: لا حسد إلا في اثنتين، وبين ما ورد من ذم الحسد.
فالحسد المنهي عنه هو تمني زوال النعمة عن المنعم عليه، كما عرفه أهل العلم، وهذا مذموم، وما ذكر في حديث: لا حسد إلا في اثنتين يعني الغبطة، وليست من الحسد، وإنما أطلق عليها الحسد مجازا، قال ابن حجر في فتح الباري: وأما الحسد المذكور في الحديث فهو الغبطة، وأطلق الحسد عليها مجازا، وهي أن يتمنى أن يكون له مثل ما لغيره من غير أن يزول عنه، والحرص على هذا يسمى منافسة، فكأنه قال في الحديث: لا غبطة أعظم أو أفضل من الغبطة في هذين الأمرين.
فلا معارضة إذاً بين ما ورد من ذم الحسد وما جاء في الحديث مما أطلق عليه لفظ الحسد مجازا.
والله أعلم.