الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالجملة المذكورة جزء من الآية الكريمة: [أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ] (الملك: 19). وجاءت في سياق الخطاب للكافرين الجاحدين المكذبين برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، حيث قال تعالى: [وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ * أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ...] (الملك: 18-19).
وهذا مظهر من مظاهر قدرة الله تعالى يلفت انتباههم إليه بأسلوب الاستفهام الإنكاري.
والمعنى: أولم ينظروا نظر اعتبار إلى الطير فوقهم باسطات أجنحتهن في الجو عند طيرانها وتحليقها.
"ويقبضن" ويضمن أجنحتهن إذا ضربن جنوبهن وقتا بعد وقت. "ما يمسكهن إلا الرحمن" ما يمسكهن في الجو عن السقوط في حال البسط والقبض إلا الله سبحانه وتعالى الرحمن الرحيم الذي وسعت رحمته الأكوان. "إنه بكل شيء بصير" يعلم كيف يخلق وكيف يبدع العجائب بمقتضى علمه وحكمته.. فالحق سبحانه وتعالى الذي ذلل الأرض للناس ليمشوا في مناكبها ويأكلوا من خيراتها ذلل الهواء للطيور تحلق في أرجائه كيف شاءت، فهو سبحانه وتعالى الذي يمسك الجميع بنواميس متناسقة ذلك التناسق العجيب الملحوظ في كل صغيرة وكبيرة.
يقول صاحب الظلال: وإمساك الطير في الجو كإمساك الدواب على الأرض الطائرة في الفضاء بما عليها.. كإمساك سائر الأجرام التي لا يمسكها في مكانها إلا الله تعالى.
والله أعلم.