الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الرجل وهب أباه هذه الأرض وقبضها أبوه؛ فقد خرجت من ملكه، وما دام لا يجد كفايته؛ فهو مستحق للزكاة.
أمّا إذا كان أعار أباه هذه الأرض ولم يُملّكه إياها؛ وكان بالإمكان استردادها من أبيه واستغلالها فيما يدر عليه ما يكفيه ويكفي من تلزمه نفقته، فالظاهر -والله أعلم- أنّه لا يستحق الزكاة ما دام كذلك. قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وإذا كان للرجل بضاعة يتجر بها، أو ضيعة يستغلها تكفيه غلتها، له ولعياله، فهو غني، لا يعطى من الصدقة شيئا، وإن لم تكفه، جاز له الأخذ منها قدر ما يتم به الكفاية. انتهى.
وفي هذه الحال يسترد هذه الأرض من أبيه وينفق على نفسه من غلتها؛ فالرجوع في العارية جائز، ولأنّ سد حاجته الخاصة مقدمة على سد حاجة أبيه، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وللمعير الرجوع في العارية أي وقت شاء، سواء كانت مطلقة، أو مؤقتة، ما لم يأذن في شغله بشيء يتضرر بالرجوع فيه. وبهذا قال أبو حنيفة، والشافعي. وقال مالك: إن كانت مؤقتة، فليس له الرجوع قبل الوقت، وإن لم تؤقت له مدة، لزمه تركه مدة ينتفع بها في مثلها. انتهى.
وإذا كان أبوه فقيرا وليس له من ينفق عليه؛ فالأب مستحق للزكاة في هذه الحال.
والله أعلم.