الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كان طالب النقود سيحول المبلغ أولا إلى حساب التاجر، أو صاحب مكتب الحوالات، ثم إن التاجر، أو صاحب المكتب يعطيه المبلغ المحول إليه مقابل عمولة يتفقان عليها؛ كأن يحول له ألف دينار ليعطيه إياها مقابل مائة دينار.
هذه المعاملة يمكن تكييفها على أنها من قبيل بذل خدمة مباحة مقابل عوض معلوم، وإذا كان كذلك؛ فلا حرج فيها.
ولا يظهر فرق بين أن يسحب التاجر المال من حسابه، أو يعطي طالب الخدمة ماله من نقود أخرى معه، ويستبقي النقود في حسابه.
فهذه الأوراق النقدية المتعامل بها اليوم لا تُراد عادة لذاتها، فهي متساوية القيمة، ولا تختلف إلا في التسلسل الرقمي؛ وبالتالي، فلا فرق بين ذواتها.
وقد قال الشيخ علي السالوس -رحمه الله- في كتابه: النقود واستبدال العملات: دراسة وحوار: من المعلوم في عصرنا أن النقود لا تتعين بالتعيين، فمثلا من أخذ ألف ريال من أحد لإعطائها غيره، فلا يشترط إعطاء الأول الأوراق ذاتها التي تسلمها، وهي التي تحمل أرقام كذا، هو إنما تبرأ ذمته بإعطاء ألف ريال، تحمل أي أرقام..... وهذا الذي نراه واضحا في عصر النقود الورقية، وهو ما أشار إليه الحنفية في عصر النقود السلعية، فالدنانير والدراهم لا تتعين بالتعيين، ومثلها الفلوس الرائجة، حيث قالوا: إنها أمثال متساوية، فلا تتعين بالتعيين، فأي فلس يقوم مقام غيره. انتهى.
وللفائدة انظر الفتوى: 333163. ففيها مشروعية تلك الخدمة مع ذكر سحب المبلغ من الحساب لطالب الخدمة، ولا يظهر تأثير بين أن يسحب له مثل نقوده التي حولها إليه من الحساب، أو يبقيها في حسابه، ويعطيه مثلها من خزنته، أوغيرها كما سبق.
وإذا كان كذلك؛ فلا حرج في المعاملة المذكورة، ولا سيما مع وجود الحاجة الشديدة إليها.
ونسأل الله أن يفرج الكرب، وأن يزيل الغمة؛ إنه سميع مجيب.
والله أعلم.