الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز للرجل لبس قلادة من ذهب ولا فضة، ولكن لو لبسها وصلى فصلاته صحيحة ولكن ناقصة الأجر، وهذه نبذة من كلام أهل العلم.
ففي كتاب فتح القدير في الفقه الحنفي: ولا يجوز للرجال التحلي بالذهب.... ولا بالفضة لأنها في معناه؛ إلا بالخاتم والمنطقة وحلية السيف.
وفي المنتقى للباجي وهو مالكي: وأما ما يباح من الفضة للرجل ففي ثلاثة أشياء: السيف والخاتم والمصحف.
وفي المجموع للنووي وهو شافعي: قال أصحابنا: يجوز للرجل خاتم الفضة بالإجماع، وأما ما سواه من حلي الفضة كالسوار والمدملج والطوق ونحوها، فقطع الجمهور بتحريمها، وقال المتولي الغزالي في الفتاوى يجوز، لأنه لم يثبت في الفضة إلا تحريم الأواني، وتحريم التشبه بالنساء، والصحيح الأول لأن في هذا تشبها بالنساء وهو حرام.
وقال ابن مفلح الحنبلي في الآداب الشرعية: يحرم على الرجل لبس الفضة إلا ما تقدم، يعني بما تقدم خاتم الفضة.
هذا فيما يتعلق بأقوال المذاهب الأربعة، أما كون بعض السلاسل خاصة بالرجال، فهذا لا يغير في الحكم شيئاً ما دام الذي ورد شرعاً مما هو مباح للرجال هو خاتم الفضة فقط دون غيره.
وأما الوزن المسموح به من خاتم الفضة بالنسبة للرجل فمحل خلاف بين العلماء فعند الحنفية، قال الحصكفي: لا يزيد الرجل خاتمه على مثقال.
ورجح ابن عابدين قول صاحب الذخيرة أنه لا يبلغ به المثقال، واستدل بما روي أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً: من أي شيء أتخذه؟ -يعني الخاتم- فقال صلى الله عليه وسلم: اتخذه من ورِق، ولا تتمه مثقالا.
وقال المالكية: يجوز للذكر لبس خاتم الفضة إن كان وزن درهمين شرعيين أو أقل، فإن زاد عن درهمين حرم.
ولم يحدد الشافعية وزنا للخاتم المباح.
قال الخطيب الشربيني: لم يتعرض الأصحاب لمقدار الخاتم المباح، ولعلهم اكتفوا فيه بالعرف، أي عرف البلد وعادة أمثاله فيها، فما خرج عن ذلك كان إسرافاً.... هذا هو المعتمد، وإن قال الأذرعي: الصواب ضبطه بدون مثقال، لما في صحيح ابن حبان وسنن أبي داود عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: للابس الخاتم الحديد: ما لي أرى عليك حلية أهل النار فطرحه وقال: يا رسول الله من أي شيء أتخذه، قال: اتخذه من ورق ولا تتمه مثقالاً. قال: وليس في كلامهم ما يخالفه، وهذا لا ينافي ما ذكر لاحتمال أن ذلك كان عرف بلده وعادة أمثاله.
وقال الحنابلة: لا بأس بجعله مثقالاً فأكثر، لأنه لم يرد فيه تحديد، ما لم يخرج عن العادة، وإلا حرم (قالوا) لأن الأصل التحريم، وإنما خرج المعتاد لفعله صلى الله عليه وسلم وفعل الصحابة.
والله أعلم.