الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمجهول هنا ليس أجرة الشحن المتفق عليها لكل وحدة قياس، وإنما المجهول هو قدر الشحنة نفسها، ومثل هذه الجهالة مغتفرة؛ لأن مآلها إلى العلم، ولا تفضي إلى نزاع بين المتعاقدين، ولا تمنع التسليم والتسلم، وراجع في ذلك الفتوى: 471688.
وهذا شبيه ببيع الصبرة ونحوها، جزافا بالأجزاء، قال البهوتي في «الروض المربع»: (وإن باع ثوبا أو صبرة) وهي الكومة المجموعة من الطعام، (أو) باع (قطيعا من الغنم كل ذراع) من الثوب بكذا، (أو) كل (قفيز) من الصبرة بكذا (أو) كل (شاة) من القطيع (بدرهم، صح) البيع ولو لم يعلما قدر الثوب والصبرة والقطيع؛ لأن المبيع معلوم بالمشاهدة، والثمن معلوم لإشارته إلى ما يعرف مبلغه بجهة لا تتعلق بالمتعاقدين، وهي الكيل والعدُّ والذرع. اهـ.
وجاء في «الموسوعة الفقهية الكويتية»: الصبرة هي: الكومة المجتمعة من الطعام ونحوه. والصبرة المجهولة القدر المعلومة بالرؤية، إما أن تباع بثمن إجمالي، وإما أن تباع على أساس السعر الإفرادي، كما لو قال: كل صاع منها بكذا. فأما النوع الأول، فقد قال ابن قدامة: لا نعلم في جوازه خلافا إن كان مما يتساوى أجزاؤه ... وأما الثاني: وهو بيع الصبرة التي يجهل مقدار كيلها أو وزنها على أساس سعر وحدة الكيل أو الوزن، فقد ذهب المالكية والشافعية والحنابلة ومحمد بن الحسن وأبو يوسف من الحنفية: إلى جواز بيع الصبرة التي يجهل عدد صيعانها مجازفة، بأن يقول: بعتك هذه الصبرة من الطعام كل صاع بدرهم؛ لأن رؤية الصبرة تكفي في تقديرها، ولا يضر الجهل بجملة الثمن؛ لأن بالإمكان معرفته بالتفصيل بكيل الصبرة، فيرتفع الغرر، وتزول الجهالة. اهـ.
والله أعلم.