الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيجب على الولد أن يبر والديه وأن يطيعهما فيما يأمران به مما ليس معصية لله تعالى، وفيما ليس فيه عليه ضرر كبير ومشقة يصعب تحملها كما يحرم عليه عقوقهما، وقد عرف الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم العقوق المحرم فقال: وأما حقيقة العقوق المحرم شرعاً فقل من ضبطه... قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله في فتاويه العقوق المحرم كل فعل يتأذى به الوالد أو نحوه تأذيا ليس بالهين مع كونه ليس من الأفعال الواجبة، قال: وربما قيل طاعة الوالدين واجبة في كل ما ليس بمعصية ومخالفة أمرهما في ذلك عقوق وقد أوجب كثير من العلماء طاعتهما في الشبهات. والله أعلم.
وهل يلزم طاعتهما في ترك الزواج من امرأة معينة أم لا، سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 19465، والفتوى رقم: 6563.
ولكنه لا يلزم في المقابل بالزواج من امرأة لا يريدها وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 35285.
وأما الوصية بعدم الزواج من فلانة فهي وصية غير لازمة التنفيذ ولست عاقاً بمخالفتها، ولست ظالماً لأسرتك بهذا الزواج فأنت إنما فعلت ما أباح الله لك، وبقي لنا وقفة مع قولك في السؤال (وكان من شروط الزواج أن الطلاق إذا ما لم يوافق أهلي)، فإن قصدت تعليق النكاح على موافقة أهلك، أي إن وافقوا فالنكاح ماض وإن لم يوافقوا فالنكاح لاغ، فهذا النكاح باطل، لأن عقد النكاح لا يصح فيه التعليق.
وإن قصدت بهذه العبارة تعليق الطلاق على عدم موافقة أهلك لا تعليق النكاح فقد طلقت المرأة فور العلم بعدم رضاهم، ولك أن تراجعها -إن شئت البقاء معها-، وكيفية المراجعة مبينة في الفتوى رقم: 30719، والفتوى رقم: 30067.
وإن قصدت بهذه العبارة أن لك أن تطلق إذا تبين لك عدم موافقة أهلك فهذا النكاح صحيح وهذا الشرط لا يضر لأن النكاح بيدك ولك أن تطلق متى شئت اشترطت ذلك أم لم تشترط، فهو شرط لا يخل بعقد النكاح.
والله أعلم.