الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا خلاف بين أهل العلم في حرمة الزنا بالميت، وإنما المختلف فيه عندهم هو وجوب الحد على الواطئ وعدم وجوبه، فأوجبه المالكية، ورأى فيه الأحناف التعزير فقط، واختلف فيه عند الشافعية والحنابلة. قال خليل، وهو مالكي: الزنا وطء مكلف مسلم فرج آدمي أو إتيان ميتة غير زوج.
وعلى الزوج أو السيد الواطئ بعد الموت الأدب. قال في منح الجليل: فلا يحد من وطئ زوجته أو أمته بعد موتها، وإن حرم، نعم يؤدب. وقال الكاساني في بدائع الصنائع، وهو حنفي: وكذا وطء المرأة الميتة لا يوجب الحد ويوجب التعزير. وقال النووي في المجموع، وهو شافعي: وفي وجوب الحد على الواطئ أوجه، أحدها: يجب، لأنه وطء محرم بلا شبهة، الثاني: لا، لخروجها عن المظنة، الثالث: وقيل: إنه منصوص، إن كانت ممن لا يحد بوطئها في الحياة وهي الزوجة والأمة والمشتركة وجارية الابن ونحوهن فلا حد، وإلا فيحد، والأصح أنه لا يجب مطلقا. وقال محمد بن مفلح بن محمد المقدسي في كتابه الفروع، وهو حنبلي: وإن زنى بميتة فروايتان، إحداهما: لا حد عليه، وهو الصحيح من المذهب، والوجه الثاني: يجب عليه الحد.
تبين لك إذاً أن الزاني بالميتة ارتكب إثما بالغا، وأن أدنى عقاب له هو التعزير.
والله أعلم.