الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأخذ قرض ربوي من البنك لشراء أرض أو لبنائها أو لغير ذلك حرام، كما سبق في الفتوى رقم: 4546 ، والفتوى رقم: 3833 ، والفتوى رقم: 1431، وعلى هذا فما فعله صاحب هذه الشركة لا يجوز، وما فعله من إخلاف وعده للعملاء بالتسليم في وقت معين، أيضا لا يجوز وهو من خصال النفاق، قال صلى الله عليه وسلم: آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان. رواه البخاري ومسلم.
ويجب عليكم كموظفين، أن تنصحوا هؤلاء العملاء وتبينوا الحق لهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصحية، قلنا: لمن؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. رواه مسلم، ويحرم عليكم أن تغشوهم، لقوله صلى الله عليه وسلم: من غش فليس مني. رواه مسلم.
أما حكم عملكم في هذه الشركة، وحكم الراتب المأخوذ على ذلك العمل، ففي ذلك تفصيل: فإذا كانت القرائن تدل على أن صاحب هذه الشركة لم يقصد الاحتيال على العملاء والبنك، وأكل الأموال بالباطل، وإنما تأخر في البناء وسداد أقساط البنك لأنه أخطأ في تقدير التكاليف، أو لأن مواد البناء قد ارتفعت أسعارها على غير ما يتوقع، وما أشبه هذا، فلا حرج في العمل في هذه الشركة، ما دمتم تعملون في مجال غير محرم، ولا يؤدي عملكم هذا إلى إعانة صاحبه على التعامل بالربا، ولا يؤثر في هذا، كون صاحب الشركة اشترى الأرض بالربا أو أخذ قرضا ربويا، ولا يؤثر في هذا، كون صاحب الشركة اشترى الأرض بالربا أو أخذ قرضا ربويا، لأن القرض بعد قبضه يدخل في ملك المقترض ويصير دينا عليه، وسواء في ذلك القرض الربوي وغيره، إلا أنه في القرض الربوي يأثم لتعامله بالربا، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 9174.
أما إذا كانت القرائن تدل على أن صاحب الشركة قصد من وراء هذه الشركة الاحتيال على البنك والناس، وأكل المال بالباطل، فلا يجوز العمل في هذه الشركة والراتب المأخوذ على ذلك حرام حنيئذ، لأن العمل ـ والحالة هذه ـ من معاونة صاحبها على الاحتيال وأكل الأموال بالباطل، وقد قال تعالى: [ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ](المائدة: 2)
وهذا -كما تقدم- إنما هو في من علم نية الرجل وعمل معه بعد العلم بنيته ومن ظن أن ترك العمل في هذه الحالة سبب لقطع عيشه أو رزقه فهو مخطئ، فإن رزقه بيد خالقه، لا يستطيع أحد أن يعطيه شيئا، أو يمنعه شيئا إلا بإذن الله، قال تعالى: [مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ ](فاطر: 2)
وقال تعالى: [وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ](هود: 6)
وقال سبحانه: [يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ](فاطر:3)
وقال عليه الصلاة والسلام: إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله، فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته. رواه الطبراني وغيره،
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 49704.