الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف أهل العلم فيما إذا كان عدد المساكين في كفارة اليمين معتبرا أم لا.
والذي عليه الأحناف وهو رواية عن أحمد أن العدد غير معتبر، وبالتالي يمكن إعطاء الكفارة إلى مسكين واحد.
وذهب جمهور العلماء إلى أن الكفارة لا يصح أن تدفع إلى عدد من المساكين أقل من عشرة في اليمين وستين في كفارة الظهار والصيام.
وراجع في هذا الموضوع فتوانا رقم: 6602.
والذي نراه راجحا في المسألة هو قول الجمهور لأن الشارع نص على العدد فلا بد من اعتباره.
وبناء عليه فإذا كانت الكفارات التي عليك من النوع الذي يكفر بإطعام ستين مسكينا فإن كان لخالتيك من العيال ما يبلغ ستين مسكينا جاز أن تدفع لهما جميع مالزمك من الكفارات، ولكن يحسن أن لا تعطيهما الكفارات دفعة واحدة، خروجا من الخلاف، لأن بعض أهل العلم لا يجيز دفع مدين من كفارتين في يوم واحد.
قال ابن قدامة في المغني:
"ولو أعطى مسكينا مدين من كفارتين في يوم واحد أجزأ في إحدى الروايتين، وهذا مذهب الشافعي. وقال الباجي في المنتقى: " فإن أطعم عشرة مساكين مدا مدا عن كفارة ثم أعاد عليهم عن كفارة أخرى، فقد كره مالك ذلك...).
وأما إن كان عيال الخالتين معا لا يبلغ ستين مسكينا، فإن كان يبلغ عشرة جاز أن تعطيهما جميع كفارات الأيمان بالطريقة السابقة،
وإن لم يكن عيالهما معا يبلغ العشرة فإن لك أن تعطيهما من كل كفارة عدد عيالهما، وتصرف الباقي إلى مساكين آخرين، وتفعل مثل ذلك في الكفارات التي يطلب فيها ستون مسكينا لأن إعطاء مسكيٍن
واحدٍ مرتين من كفارة واحدة لا يصح عند الجمهور، كما تقدم بيانه.
وتفعل مثل ما ذكرنا في كفارة التفريط في قضاء رمضان باعتبار أن السنة الواحدة بمنزلة الكفارة الواحدة، فلا يعطى منها للمسكين الواحد مرتين، وهكذا..
واعلم أن إعطاء الصدقات لذوي الرحم الذين لا تلزم نفقتهم أفضل من إعطائها لمساكين ليسوا ذوي رحم، أخرج الإماام أحمد وأصحاب السنن والدرامي من حديث سلمان بن عامر يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم ـ قال: " الصدقة على المسكين صدقة وهي على ذى الرحم ثنتان صدقة وصلة...)