الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحمد لله الذي هداك ووفقك للمحافظة على الصلاة ونسأله سبحانه وتعالى أن يثبتك على ذلك حتى الممات، وقد أحسنت كل الإحسان في اهتمامك بأخواتك ودعوتهن إلى فريضة الحجاب، وقطع العلائق مع الرجال الأجانب الذين قد يستدرجونهن ويهتكون أعراضهن ثم يتركونهن ضحية في المجتمع وعارا على الأسرة، ولذا نوصيك بجلسة مصارحة لهن حول هذا الأمر مع إظهار الحب والود لهن، وأنه لا طريق أسلم لهن للسعادة في الدنيا والآخرة من سلوك الصراط المستقيم الذي سارت عليه أمهات المؤمنين والتابعات لهن بإحسان إلى يوم الدين. فإن راجعن أنفسهن وإلا، فاجلسي مع والدك ووالدتك وعظيهما بالاستقامة أولا والمحافظة على الصلاة وأنهما القدوة لأولادهما، وعرفيهما بأن تقصيرهما كان سببا في تقصيرك سابقا وتقصير أخواتك في الصلاة والظهور أمام الأجانب بكامل الزينة ومحادثتهن لهم مما يدعو إلى الوقوع في الحرام وجلب الدمار للأسرة، وكوني حكيمة في عرض الموضوع والنصح للجميع، وننصحك بالمواصلة في كل فرصة ومناسبة، ونحذرك من اليأس والقنوط لعدم استجابتهم، واعلمي أن القلوب بيد الله يقلبها كيف يشاء، وأن الهداية من عند الله، فقد قال الله تعالى: [إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ] (القصص: 56). أي من يستحق الهداية ويوفق لها.
وننصحك بجلب بعض الأشرطة والمطويات والكتيبات التي تعالج الانحرافات الموجودة عند أخواتك ووالديك وتقديمهما لهم عسى الله أن يهديهم إلى سواء الصراط.
وأما طلبك للعلم الشرعي فإنه من أهم ما ينبغي لك الاهتمام به، إذ بالعلم الشرعي تعرف الأحكام ويعبد الله على علم وبصيرة، ولتعلمي أن العلم الشرعي يزكو به صاحبه وتعلو مكانته ويرفع الله به درجته ويزيده العلم خشية وورعا وتقوى لله سبحانه وتعالى، وأمر الله سبحانه وتعالى نبيه أن يسأل ربه الزيادة من العلم، كما قال تعالى: [وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا] (طه: 114) فعلى من أراد السير على هذا الطريق أن يستحضر دائما النية والإخلاص لله سبحانه، وأن يعرف للعلماء المتقدمين من السلف المكرمين حقهم فلا يغمزهم ولا ينبزهم ولا يذكرهم إلا وترحم عليهم، وكذلك يعرف لعلماء عصره حقهم ويراعي الآداب معهم، ويستنير بتوجيهاتهم وإرشاداتهم، وأن يدعو لهم بخير، ثم على طالب العلم أن يبدأ بالأهم فالمهم من العلم فيبدأ بحفظ القرآن أو شيء منه مع قراءة كتاب تقسير مبسط كالجلالين حتى يعرف معاني ما يقرؤه، ثم بمختصر بسيط في العقيدة كشرح أركان الإسلام والإيمان للشيخ ابن عثيمين عليه رحمة الله، ثم بمختصر معه آخر في الفقه كمنار السبيل للضويان ويركز على الأحكام المتعلقة بحياته اليومية كالصلاة والطهارة، ويتقن أحكامهما ثم إن أحب أن يتوسع ويزداد فله ذلك، ومن المهم أيضا أن يتعلم الشخص ما يقوم به لسانه فيتعلم اللغة العربية ويبدأ بالأجرومية وشرحها التحفة السنية، فإن علم اللغة مما لا يستغنى عنه، وقد فرط فيه كثير من الناس، وهذا باب واسع وبحر لا ساحل له، وأوله صعب وآخره سهل، ومما يجدر التنبيه عليه أن طلب العلم لا بد له من صبر ومصابرة، وصحبة مدرس وشيخ عالم وصديق مجتهد حتى يعين السالك على طريقه.
والله أعلم.