الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن سبب نزول الآية الكريمة المذكورة ما حدث لعمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما أرسل له النبي صلى الله عليه وسلم غلاما للأنصار يقال له مرثد، وكان ذلك وقت الظهيرة وعمر نائم فانكشف منه شيء.
وقيل إن سبب نزولها ما حدث لأسماء بنت مرثد الأنصارية عندما دخل عليها غلام لها كبير. فقد ذكر القرطبي في تفسيره: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث غلاماً للأنصار يقال له مدلج إلى عمر بن الخطاب ليدعوه، فدخل عليه وقت الظهيرة فوجده نائماً، فاستيقظ عمر وجلس فانكشف منه شيء، فقال عمر: وددت أن الله عز وجل نهى أبناءنا ونساءنا وخدمنا عن الدخول علينا في هذه الساعات إلا بإذن، ثم انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد الآية قد نزلت ، فخر ساجداً شكراً لله تعالى. وهذه الآية تعد من موافقات عمر رضي الله عنه.
وفي تفسير ابن كثير أيضا: أن رجلاً من الأنصار وامرأته أسماء بنت مرثد صنعا للنبي صلى الله عليه وسلم طعاماً فجعل الناس يدخلون بغير إذن، فقالت أسماء: يا رسول الله ما أقبح هذا ، إنه ليدخل على المرأة وزوجها ـ وهما في لحاف واحد ـ غلامهما بغير إذن ، فأنزل الله في ذلك: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [ سورة النور: 58].
ولا مانع أن تكون الحادثتان حدثتا في وقت واحد أو أوقات متقاربة فنزلت الآية بسبب ذلك.
والله أعلم.