الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرتِ عن زوجك جملة من الصفات الطيبة، فنوصيك بالصبر عليه، والتروي في أي خطوة قد تكون سببًا لتأزم العلاقة بينك وبينه، مع الدعاء له بأن يرزقه الله الرشد والصواب.
واجعلي حياتك معه قائمة على الحوار والتفاهم بالحسنى، فذلك كله مما قد يعينك على أن تأخذي منه ما تبتغين من حقك عليه، روى مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه. ويمكنك الاستعانة في نصحه بالمقربين إليه إن رجوت من ذلك نفعاً. هذا من حيث ما ننصحك به أولاً.
أمّا من حيث الحكم الشرعي، فمن تزوج على امرأته امرأة بكرًا، أقام عندها سبعًا، ثم يرجع لزوجته الأولى، ويقسم بينهما بالعدل.
قال ابن قدامة في المغني: متى تزوج صاحب النسوة امرأة جديدة، قطع الدور، وأقام عندها سبعًا إن كانت بكرًا، ولا يقضيها للباقيات، وإن كانت ثيبًا، أقام عندها ثلاثًا، ولا يقضيها. انتهى.
وعرّف الفقهاء البكر هنا بمن كانت بكارتها باقية على حالها، فلم تزل بوطء، جاء في حاشية إعانة الطالبين في الفقه الشافعي: (قوله: بكر) ... والمراد بها: من لم تزل بكارتها بوطء في قبلها. انتهى.
وفي الإقناع للشربيني الشافعي: لو وطئت البكر في قبلها، ولم تزل بكارتها، كأن كانت غوراء، فهي كسائر الأبكار. انتهى.
والواجب أن يعدل الزوج بين زوجتيه، بأن يبيت عند إحداهما مثل ما بات عند الأخرى، وأساس القسم هو الليل، قال ابن مفلح في المبدع: وعماد القسم الليل؛ لقوله تعالى: {وجعل الليل سكنا}، ولقوله تعالى: (ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله)؛ لأن الليل للسكن، والنهار للمعاش. انتهى.
ولا يجوز للزوج تفضيل إحدى زوجتيه بالمبيت عندها بسبب وجود الأولاد، ولكن إن أراد أن يتفقد أولاده في النهار، فله الدخول إلى بيت زوجته الأخرى للحاجة فقط؛ لأن الأصل أن النهار تبع للَّيل.
قال ابن قدامة في المغني: وأمّا الدخول في النهار إلى المرأة في يوم غيرها، فيجوز للحاجة، من دفع النفقة، أو عيادة، أو سؤال عن أمر يحتاج إلى معرفته، أو زيارتها لبعد عهده، ونحو ذلك. انتهى.
ولا يلزم الزوجة أن تتنازل عن شيء من حقها من أجل الأولاد، ومن حق أولاده عليه الرعاية والعناية وتعهدهم بالتربية وحسن التوجيه، وعليه أن يقوم بها من غير ظلم لزوجته.
وإذا ظلم الزوج زوجته شيئًا من حقها في المبيت، كان لها الحق في أن تطلب منه أن يقضي لها، وعليه أن يفعل.
قال البهوتي في كشاف القناع: فلو كان له أربع نسوة، فأقام عند ثلاث منهن ثلاثين ليلة عند كل واحدة عشر ليال -ولم تكن الرابعة ناشزًا- لزمه أن يقيم عند الرابعة عشرًا، ليعدل بينهن. انتهى.
وإذا كانت المرأة متضررة من زوجها بسبب ظلمه لها ونحو ذلك، فلها الحق في طلب الطلاق، ولكن لا ينبغي أن تتعجل طلبه، بل الأولى أن تتبصر، فقد لا يكون الطلاق أصلح لها، بل يكون الصبر أولى بها. وراجعي الفتوى: 37112، ففيها بيان مسوغات طلب الطلاق.
وننصح في الختام بالاستفادة من الاستشارات المشابهة الموجودة في موقعنا من خلال هذا الرابط:
http://consult.islamweb.net/consult/index.php
والله أعلم.