الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 4041 حكم دخول الكافر للمسجد، ونقلنا أقوال أهل العلم في ذلك، وأن الراجح جواز دخول الكافر لجميع المساجد إلا المسجد الحرام إذا دعت الحاجة لذلك، أو كان في دخوله للمسجد مصلحة كدعوته إلى الإسلام.
وعليه؛ فلا حرج في دخول المشرك للمسجد في بلاد الغرب إذا كان الهدف تعريفه بالإسلام، إلا أنه ينبغي مراعاة ضوابط معينة عند دخولهم للمسجد، منها: أن لا يكون في حال دخوله للمسجد على حالة تنافي احترام المسجد وتكريمه كتبرج النساء أو كونهن حيضا أو كان بينهم من يباشر شرب الدخان عند دخوله المسجد ونحو ذلك مما يتنافى مع مكانة المسجد، وقد قال تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ [ سورة النور:36]. قال الحسن البصري: معنى ترفع تعظم ويرفع شأنها وتطهر من الأنجاس والأقذار.
وأما عن أخذ الصور الفوتوغرافية، فإن كانت الصور التي يصورونها للمسجد ومقتنياته وليس لذوات الأرواح فإنه لا حرج في ذلك ولا يمنعون منه من باب تأليف قلوبهم، وإن كان الأفضل إعلامهم بمكانة المسجد في الإسلام، وأن التصوير فيه قد ينافي منزلته العظيمة، وأما إن كان التصوير لذوات الأرواح كأن يصور بعضهم بعضا فإنهم يمنعون من ذلك بالطريقة المناسبة، كإخبارهم بأن هذا محرم في شرعنا على الراجح. ولمعرفة حكم التصوير الفوتوغرافي نحيلك إلى الفتوى رقم: 9755.
وأما عن وضع المرايا في سقف المسجد كجمال هندسي، ففيه عدة محاذير:
الأول: أن هذا فيه زخرفة للمسجد وتزيين له، وهذا يشغل القلوب عن الخشوع الذي هو روح الصلاة، وفيه أيضا شغل للذاكرين في المسجد والتالين فلربما جلس الواحد منهم ليقرأ القرآن وإذا به يقلب بصره في سقف المسجد فتلهيه المرآة. وقد قال عمر رضي الله عنه للبناء لما أمر ببناء المسجد: أكن الناس من المطر وإياك أن تحمر أو تصفر فتفتن الناس.
الثاني: أن فيه إسرافا في المال بصرفه في وضع المرآة في سقف المسجد وهذا لا فائدة فيه. جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه يكره زخرفة المسجد بذهب أو فضة, أو نقش, أو صبغ, أو كتابة أو غير ذلك مما يلهي المصلي عن صلاته, لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك. فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أمرت بتشييد المساجد، والتشييد: الطلاء بالشيد أي الجص, قال ابن عباس: لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى. وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد. وروى البخاري في صحيحه أن عمر رضي الله عنه أمر ببناء مسجد وقال: أكن الناس من المطر, وإياك أن تحمر أو تصفر فتفتن الناس. وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: إذا حليتم مصاحفكم وزخرفتم مساجدكم فالدبار عليكم. ولأن ذلك يلهي المصلي عن الصلاة بالنظر إليه فيخل بخشوعه; ولأن هذا من أشراط الساعة.
هذا إذا لم تكن الزخرفة بمال وقف، أما إذا كانت بمال وقف فقد اتفق الفقهاء على عدم جواز ذلك، وأن من زخرفه بمال وقف يضمن ذلك ويغرم القيمة.
والله أعلم.